يبقى لنا بعض المسائل التي تتعلق بهذا الباب والتي هي من أصول معتقد سلفنا الصالح: ثالثاً: أيها الأحباب! من هذه المسائل: أن الإيمان يزيد وينقص.
يزيد الإيمان بالطاعات، وينقص بالذنوب والزلات, هذا أصل عظيم من أصول مذهب أهل السنة والجماعة، كما قال ربنا جل وعلا في قوله تعالى:{لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ}[الفتح:٤] وكما قال ربنا جل وعلا في سورة الأنفال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}[الأنفال:٢] والآيات في ذلك كثيرة ولله والحمد والمنة.
ويوضح هذا الأصل أوضح بيان الحديث الذي رواه مسلم من حديث حنظلة الأسيدي رضي الله عنه، وهو من كُتَّاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, قال حنظلة: لقيني أبو بكر رضي الله عنه فقال: كيف أنت يا حنظلة؟ فقال حنظلة: نافق حنظلة يا أبا بكر , قال: سبحان الله! ما تقول؟! فقال حنظلة: يا أبا بكر: نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فيذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا نراها رأي العين, فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات فنسينا كثيراً, قال أبو بكر: والله إنا لنلقى مثل هذا, يقول حنظلة: فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: نافق حنظلة يا رسول الله! فقال صلى الله عليه وسلم: (وما ذاك؟ فقال حنظلة: يا رسول الله: نكون عندك فتذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا نراها رأي العين، فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات ونسينا كثيراً، فقال صلى الله عليه وسلم: والذي نفس محمد بيده لو تدومون على ما تكونون عليه عندي لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي الطرقات, ولكن يا حنظلة ساعة وساعة) وكررها النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات.
وهكذا يوضح هذا الحديث توضيحاً لا لبس فيه ولا غموض أن الإيمان يزيد بالطاعات وفي وقت الطاعات، وينقص بالذنوب والزلات, نسأل الله أن يزيد إيماننا وإيمانكم بالطاعات إنه ولي ذلك ومولاه وهو على كل شيء قدير!