أخي! (قل: آمنت بالله ثم استقم) قل ربي الله ثم استقم ولا تضيع الصلوات، ولا تترك القراءة في كتاب رب الأرض والسماوات، ولا تنتقل عن الاستغفار والذكر والعبادة والطاعات.
عباد الله: إن الاستقامة على الطاعة أصل السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة، يقول الحافظ ابن رجب الحنبلي في كتابه القيم (جامع العلوم والحكم): وأصل الاستقامة استقامة القلب على توحيد الله جل وعلا، فإذا استقام القلب على توحيد الله استقامت الجوارح كلها على الطاعة، لأن القلب هو الملك، ولأن الأعضاء والجوارح هي جنوده ورعاياه، فإذا صلح هذا الملك صلحت الجنود والرعايا، كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم من حديث النعمان بن بشير:(ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب).
فأصل الصلاح هو القلب، ومحط الاستقامة هو القلب، فإذا استقام القلب استقامت الجوارح، وإذا طهر القلب وأشرق فيه مصباح التوحيد استقامت الجوارح كلها على طاعة العزيز الحميد، وإذا كان القلب في أغلفة تلو الأغلفة كفر بربه، وكفرت الجوارح بربها والعياذ بالله، وإذا نكس القلب عرف ثم أنكر، وأبصر ثم عمي نافقت الجوارح الناس، وتناست رب الناس الذي يعلم السر وأخفى.