للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فضل التوبة في شهر رمضان]

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.

أما بعد.

فيا أيها الأخ الكريم! وأخيراً: رمضان شهر التوبة، فلا تضيع هذا الموسم، ولا تفرط في هذه الفرصة، ويا من أسرفت! تب إلى الله، ويا من ضيعت وفرطت عد إلى الله، ولا تقل: لقد وقعت في كبائر الذنوب، فإن الله عز وجل أطيب وأكبر وأعظم وأجل، فعد إليه، وعاود الطرق على باب التوبة، فإن الله جل وعلا عند ظن عبده به، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: (قال الله تعالى في الحديث القدسي: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأٍ ذكرته في ملأٍٍ خير منهم، وإن تقرب مني شبراً تقربت منه ذراعاً، وإن تقرب إلي ذراعاً تقرب منه باعاً، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة) فانظر إلى فضل الله! وانظر إلى جوده وكرمه.

وفي الصحيحين أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: (ينزل رب العزة كل ليلة إلى السماء الدنيا) نزولاً يليق بكماله وجلاله؛ فكل ما دار ببالك فالله بخلاف ذلك، كما قال سبحانه عن نفسه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:١١] (ينزل رب العزة كل ليلة إلى السماء الدنيا ويقول: أنا الملك، من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ فلا يزال كذلك حتى يضيء الفجر) لا يزال ربك ينادي عليك وأنت نائم، وأنت في غفلة -إلا من رحم الله جل وعلا- فاستيقظ في الوقت الذي ينادي عليك فيه رب العزة وملك الملوك، فإن قال: من ذا الذي يدعوني فأستجيب له؟ فقل: عبدك الذليل الضعيف الماثل بين يديك يقر لك بذنبه، ويعترف لك بجرمه، ويطرح قلبه بذل وانكسار بين يديك يا عزيز يا غفار! قم في هذا الوقت؛ فإن الله لا يزال كذلك حتى يضيء الفجر، فلا تقنط ولا تيأس أبداً، لأن الله يعلم ضعفك وفقرك، ويعلم نقصك، والله عز وجل هو الذي خلقك، وهو الذي يعلم فيك كل هذه الصفات من النقائص، فإن رأى الله عز وجل الندم والأوبة والتوبة منك فرح بك، وهو الغني عنك الذي لا تنفعه الطاعة ولا تضره المعصية، ففي صحيح مسلم من حديث أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها) إذا طلعت الشمس وعاد الكافر إلى الله فحينئذٍ لن يقبل الله منه الإيمان، وإن عاد العاصي إلى الله فلن يقبل الله منه التوبة، فبادر بالتوبة قبل أن تغرغر، وقبل أن تطلع الشمس من مغربها؛ فإن الباب مفتوح على مصراعيه في الليل والنهار، قال تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور:٣١]، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التحريم:٨].

فيا نادماً على الذنوب أين أثر ندمك؟ وأين بكاؤك على زلة قدمك؟! واحسرتاه إذا جاءك الموت وما أنبت واحسرتاه إذا دعيت في أول رمضان إلى التوبة وما استجبت.

أخي: إن لم تتب اليوم فمتى؟! وإن لم ترجع اليوم إلى الله فمتى؟ إن أقرب غائب ننتظره يا إخوتاه هو الموت، فبادر الآن قبل فوات الأوان، وكن على يقين أن ربك الرحمن لن يغلق باب التوبة في وجهك أبداً ما دمت مقراً له بالذنوب والتقصير والعصيان، فأقلع عن الذنوب، ولير الله منك الندم، وداوم على الاستغفار والعمل الصالح، وتحلل من عباد الله، وتحلل من كل ذنب ارتكبته في حق أخ من إخوانك أو أخت من الأخوات، وهذه هي شروط التوبة النصوح.

أخي الحبيب: بادر الآن قبل فوات الأوان، واعلم بأن الله عز وجل ينادي عليك بهذا النداء العذب الندي فيقول سبحانه: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:٥٣].

اللهم اغفر لنا ذنوبنا اللهم اغفر لنا ذنوبنا اللهم اغفر لنا ذنوبنا، لا إله لنا سواك فندعوه، لا إله لنا سواك فندعوه، ولا رب لنا غيرك فنرجوه، ولا رب لنا غيرك فنرجوه، يا منقذ الغرقى! يا منقذ الغرقى! يا منجي الهلكى! يا سامع كل نجوى! يا عظيم الإحسان! يا عظيم الإحسان! يا عظيم الإحسان! يا دائم المعروف! يا دائم المعروف! يا دائم المعروف! نعترف لك بذنوبنا، ونقر لك بجرمنا.

اللهم إنا وقفنا على بابك سائلين، اللهم إنا وقفنا على بابك سائلين، ولمعروفك راجين، ولعظيم فضلك طالبين، فلا تردنا خائبين، ولا من رحمتك يائسين، ولا من عفوك خائبين، اللهم اغفر لنا أجمعين، اللهم اغفر لنا أجمعين، اللهم أغفر لنا أجمعين! إلهنا! إلهنا! إلهنا! إنا وقفنا على بابك فلا تحرمنا من فضلك وعظيم ثوابك، اللهم اغفر لنا الذنوب، واستر علينا العيوب، وفرج لنا الكروب، واكشف عنا الهموم، وادفع عنا النقم، وادفع عنا النقم، وادفع عنا النقم، واكس المسلمين العراة، واحمل المسلمين الحفاة، اللهم أعنا على صيام رمضان، اللهم أعنا على قيام رمضان، اللهم أعنا على البذل والجود والإنفاق في رمضان، اللهم اجعلنا من عتقائك من النار، اللهم اجعلنا من عتقائك من النار، اللهم اجعلنا من عتقائك من النار، برحمتك يا عزيز يا غفار! اللهم أقر أعيننا بنصر الإسلام وعز الموحدين، اللهم اجعل مصرنا واحة للأمن والأمان، اللهم ارفع عن مصر الغلاء والوباء والبلاء! اللهم لا تحرم مصر من التوحيد والموحدين، اللهم فك سجن المسجونين وأسرى المأسورين واربط على قلوبهم يا أرحم الراحمين! اللهم إن أردت بالناس فتنة فاقبضنا إليك غير خزايا ولا مفتونين، ولا مفرطين ولا مضيعين، ولا مغيرين ولا مبدلين.

اللهم اهد أولادنا، اللهم اهد أولادنا، اللهم وأصلح شبابنا، اللهم أصلح شبابنا، اللهم استر نساءنا، اللهم احفظ بناتنا، اللهم احفظ بناتنا، اللهم بارك لنا في أولادنا، اللهم اجعلهم قرة عين لنا في الدنيا والآخرة يا أرحم الراحمين! اللهم استرنا ولا تفضحنا، وأكرمنا ولا تهنا، وكن لنا ولا تكن علينا، اللهم اقبلنا وتقبل منا، وتب علينا وارحمنا، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم اقبلنا وتقبل وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم! اللهم اقبلنا وتقبل منا، وتب علينا؛ إنك أنت التواب الرحيم! هذا وما كان من توفيق فمن الله، وما كان من خطأ أو سهو أو زلل أو نسيان فمني ومن الشيطان؛ والله ورسوله منه براء، وأعوذ بالله أن أكون جسراً تعبرون عليه إلى الجنة ويلقى به في جهنم! وأعوذ بالله أن أذكركم به وأنساه!