للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أهمية الزواج]

الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك وما كان معه من إله، الذي لا إله إلا هو، فلا خالق غيره ولا رب سواه، المستحق لجميع أنواع العبادة، ولذا قضى ألا نعبد إلا إياه، {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [الحج:٦٢].

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، هو الأول فلا شيء قبله، وهو الآخر فلا شيء بعده، وهو الظاهر فلا شيء فوقه، وهو الباطن فلا شيء دونه، وهو على كل شيء قدير.

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله، أدى الأمانة، وبلغ الرسالة، ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، فاللهم اجزه عنا خير ما جزيت نبياً عن أمته، ورسولاً عن دعوته ورسالته، وصل اللهم وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.

أما بعد: فمرحباً بكم أحبتي في الله عز وجل، وبعد وقفة طويلة توقفناها مع آلام أمتنا وجراحاتها، وكان لا بد من هذه الوقفة تألماً لآلام المسلمين، وتبصرة للمسلمين بما يدبر لهم في الليل والنهار، وتذكرة للمسلمين بواجبهم تجاه إخوانهم الذين يذبحون ذبح الخراف هنا وهناك، على مرأى ومسمع من الدنيا، وكان لا بد من هذه الوقفة تأدباً بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).

وبعد هذه الوقفة الطويلة نسأل الله جل وعلا أن يشفي جراحات الأمة، وأن يردها إلى إسلامها رداً جميلاً، وأن يقر أعيننا وإياكم بنصرة الإسلام وعز المسلمين، إنه ولي ذلك ومولاه وهو على كل شيء قدير؛ بعد هذه الوقفة الطويلة تعالوا بنا أحبتي في الله لندخل مرة أخرى إلى رحاب سورة الستر والعفاف، إلى رحاب سورة النور، فنحن اليوم على موعد مع الدرس السابع من دروس هذه السورة المباركة، وما زال حديثنا بتوفيق الله جل وعلا عن الضمانات الوقائية التي وضعها الإسلام سياجاً واقياً لأفراده رجالاً ونساءً من الوقوع في الفاحشة والعياذ بالله.

إن الإسلام منهج حياة متكامل شامل، لا يقوم أصلاً ولا يقوم أساساً على العقوبة، إنما يقوم على توفير أسباب الحياة النظيفة، ثم يعاقب بعد ذلك من ترك هذه الأسباب الطاهرة النظيفة، وذهب ليتمرغ في الوحل والطين طائعاً مختاراً غير مضطر.

ومن بين هذه الضمانات الوقائية التي تحدثنا عنها، والتي وضعها الإسلام سياجاً واقياً لأفراده من التردي والانحلال والوقوع في الفاحشة: أولاً: تحريم النظر إلى المحرمات.

ثانياً: تحريم التبرج وفرض الحجاب.

ثالثا: تحريم الخلوة بالمرأة الأجنبية والاختلاط بها.

رابعاً: الحض على الزواج لمن استطاع إليه سبيلاً، والحض على الصوم لمن لا يستطيع الزواج، والحض على عدم المغالاة في المهور.

ونحن اليوم بفضل الله جل وعلا على موعد مع الضمان الرابع الذي يعد من وجهة نظري من أعظم الضمانات الوقائية التي وضعها الإسلام حماية وتأميناً للعلاقة بين الرجل والمرأة؛ لأن الميل الفطري بين الرجل والمرأة ميل عميق في التكوين البشري؛ لأن الله تعالى قد أناط به امتداد الحياة على ظهر الأرض، لذا فهو ميل دائم لا ينقطع ولا ينتهي، ومن أجل ذلك شرع الإسلام الزواج وحث عليه، وجعل الله الزواج من سنن المرسلين، وجعله الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم من سنته، وقال: (من رغب عن سنتي فليس مني).