[ضحالة العقل البشري حال استغنائه عن الله]
انظر إلى هذا العقل الجبار، وإلى هذا العقل العملاق الذي وصل في الجانب المادي إلى ما وصل إليه، انظر إليه في الجانب الآخر؛ في الجانب العقدي والإيماني والروحي والديني، الذي لا بد فيه وحتماً لهذا العقل أن ينقاد إلى منهج الله، وأن يذعن إلى منهج أنبياء الله ورسله، انظر معي أيها الحبيب لتتعرف على حقائق وضحالة هذا العقل البشري.
فهذا هو العقل الروسي العفن الذي وصل إلى ما وصل إليه في جانب الدنيا، شعاره الذي يعلنه في الجانب الآخر العقدي شعاره الذي يعلنه ويتغنى به، أنه يقول: أنه يؤمن بثلاثة ويكفر بثلاثة: يؤمن بـ ماركس ولينين واستالين، ويكفر بالله وبالدين وبالملكية الخاصة.
وهذا هو العقل الأمريكي الجبار الذي وصل إلى ما وصل إليه في الجانب المادي ما زال إلى يومنا هذا يدافع عن العنصرية اللونية البغيضة، وما أحداث لوس أنجلوس منا ببعيد، وهذا هو العقل الأمريكي الجبار لا زال يدافع إلى يومنا هذا عن زواج الرجل بالرجل، وهذا هو العقل الأمريكي الجبار الذي يتغنى بـ الديمقراطية وحرية المعتقدات لا زال يكيل بمكيالين، ويبارك هذه الإبادة الوحشية، وهذه التصفية الجسدية لكل من وحد الله في أرض الله جل وعلا.
وهذا هو العقل اليوناني يدافع عن الدعارة، وهذا هو العقل الروماني يدافع عن مصارعة الثيران، وهذا هو العقل الهندي يدافع عن إحراق الزوجة مع زوجها، بل وهذا هو العقل الهندي في قرن الذرة والفلك والفضاء والقمر والتقنية يدافع إلى يومنا هذا عن عبادة البقرة، وجاء زعيمهم الكبير غاندي ليقول بملء فمه وبأعلى صوته: إنني حينما أرى البقرة لا أجدني أرى حيواناً؛ لأنني أعبد البقرة، وسأظل أدافع عن عبادة البقرة أمام العالم أجمع.
ومضى عابد البقر يقول: إن هناك ملايين الهنود الذين يتجهون بالعبادة والإجلال للبقرة -يقول غاندي - وإنني لأجد نفسي واحداً من هؤلاء الملايين.
هذا في قرن الذرة والعلم الحديث أيها الأحباب، بل وفي الهند ذاتها تقام المعابد الفخمة، وتقدم إليها القرابين والنذور، ولكن يا ترى لأي آلهة تقدم هذه القرابين، ولأي آلهة تقدم هذه النذور؟!! ستضحكون بملء أفواهكم إذا علمتم أن هذه الآلهة هي الفئران.
وهذا هو العقل العربي في جاهليته الأولى يدافع عن عبادة الأصنام، ويدافع عن وأد البنات، وهذا هو العقل العربي في جاهليته المعاصرة حينما تحدى منهج الله، وانفك عن نور الله جل وعلا، هاهو يدافع عن الكفر والإلحاد والزندقة باسم القومية تارة، والبعثية تارة أخرى، وحرية الفكر تارة ثالثة، فيقول الأول:
هبوا لي ديناً يجعل العُرْب أمة وسيروا بجثماني على دين برهم
سلام على كفر يوحد بيننا وأهلاً وسهلاً بعده بجهنم
يدافعون عن الكفر باسم القومية والعروبة.
ويقول آخر:
آمنت بـ البعث رباً لا شريك له وبالعروبة ديناً ما له ثاني
ويقول ثالث بحجة حرية الفكر، بل هي حرية الكفر ورب الكعبة، يقول: إن تطبيق الشريعة الإسلامية في مصر ردة حضارية بكل المقاييس.
هذا هو العقل يا سادة! الذي فجر الذرة في الجانب المادي، يفجر الكفر والإلحاد والزندقة في الجانب العقدي.
هذا هو العقل البشري يا سادة! الذي غاص بعيداً في أجواء الفضاء، وفي أعماق البحار، يغوص بعيداً في أعماق الكفر والزندقة والأوحال.
هذا هو العقل البشري حينما ينفك عن نور الوحي الإلهي، ويتحدى منهج الله، وينطلق ليقنن لنفسه وليشرع.