للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الضنك والشقاء ثمرة الإعراض عن الله]

لا وجه للمقارنة بين الحضارة الإسلامية وبين الحضارة الغربية في جانبها العقدي في جانبها الأخلاقي في جانبها الروحي في جانبها الإيماني، فبالرغم من كثرة هذه الطائرات والدبابات والهيئات والمنظمات والأحلاف فهي محرومة من نعمة الأمن والأمان.

على الرغم من التخطيط الهائل المبني على أسس علمية ونفسية لمحاربة الجريمة، فهي محرومة من الأمن والأمان.

على الرغم من كثرة الوسائل الأمنية الحديثة، ويجتمع الرؤساء والخبراء والمحللون ويحللون ويبحثون وينفضون ولا حلول.

ما زال آلاف البشر يبحثون عن الأمن وسط الركام، ما زال آلاف البشر ينتظرون الموت في كل لحظة، ضاقت الدنيا في وجوههم على الرغم من اتساعها، وأظلمت الدنيا في وجوههم على الرغم من كثرة أضوائها، والعالم كله محروم من الرخاء الاقتصادي على الرغم من كثرة الأسواق المشتركة، فما زال آلاف البشر يموتون من الجوع ولا يجدون لقمة الخبز، يموتون في العراء من شدة البرد، فالعالم محروم من راحة الضمير وانشراح الصدر وخلو النفس من المشاكل والأزمات والهموم، وكل هذا بسبب الإعراض عن الله ومنهجه.

أخيراً سمعنا عن مرض فتاك جديد ما سمعنا عنه من قبل ألا وهو الجمرة الخبيثة، وتدبر لفظة الجمرة فأصلها من النار، وأنا لا أقول بأن الجمرة أتت من جهنم، لكن تدبر اللفظة: الجمرة الخبيثة، فالرعب يسود أمريكا إلى حد أنهم أغلقوا فيه الكونجرس الأمريكي، فالكل في حالة فزع، ولم لا وربك جل وعلا يقول: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت:٤٦]، وربك جل وعلا يقول في الحديث القدسي: (يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا)؟ فمن أجل ما يذيق الأمريكان الرعب للأفغان، يريد الله في هذا الوقت أن يذيق الأمريكي الرعب.

إنه العدل! إنه الحق! وصدق المصطفى صلى الله عليه وسلم إذ يقول كما في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري وابن ماجة من حديث ابن عمر: (يا معشر المهاجرين! خمس إن ابتليتم بهن، وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشت فيهم الأوجاع والأسقام التي لم تكن في أسلافهم).

إنها نتيجة عادلة، وثمرة مرة للإعراض عن الله، والظلم لعباد الله وخلق الله في أرض الله! صار المسلم الذي يدافع عن أرضه وعرضه ومقدساته هو الإرهابي الأصولي، اللصوصي المتطرف، الرجعي المتخلف المتأخر إلى آخر هذه التهم المعلبة التي تكال الآن للمسلمين كيلاً.

لو حدث أي شيء في الأرض اتهم المسلمون في التو واللحظة قبل أي دليل أو تحقيق أو برهان، حتى اتهم الفلسطيني الذي يدافع عن عرضه ومقدساته بالإرهابي.