للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ما الهم الذي تحمله؟]

فكر -أيها الكريم- ما هو الهم الذي تحمله في قلبك؟ إن أهل الباطل قد تحركوا الآن لباطلهم بكل السبل، بذلوا الأوقات والأموال والأعمال والطاقات الجبارة الهائلة لباطلهم، وتقاعس أهل الحق عن حقهم، عن الحق الذي من أجله خلق الله السماوات والأرض والجنة والنار، وأنزل الكتب وأرسل الرسل، وكما يفكر الواحد منا -أيها الأحبة- للإبداع في عمله والإبداع في وظيفته -وهذا أمر محمود مشكور- يجب عليه أن يفكر كيف يبدع لدين الله، وكيف يبدع لدعوة الله، وكيف يسخر أمواله وطاقاته ونساءه وأولاده ووقته وعرقه لدين الله جل وعلا.

أنا لا أختلف معك أنك تحمل في قلبك هموماً كثيرة، فهذا يحمل هم الوظيفة، وهذا يحمل هم البيت، وهذا يحمل هم الأولاد، وذاك يحمل هم المال إلخ، لا بأس على الإطلاق، لكن فتش في قلبك ما هو أول هم تحمله؟ هل هو هم الدعوة؟! هل هو هم الدين؟! هل هو هم هذه الأمة المسكينة التي تشرذمت وذلت الآن للذليل قبل العزيز، وللقاصي قبل الداني، وللضعيف قبل القوي؟! فكر في هذه الدعوة هل فكرت في أن تدخر جزءاً من مالك لتستغل هذا المال في الدعوة إلى الله إن عجزت أنت أن تتحرك بلسانك؟ فإن الدعوة إلى الله لا تقتصر على الدعاة والعلماء، بل لولا أن الله قد سخر شباباً هنا ما سمعتم مثل هذه الكلمات، وهؤلاء جنود، هؤلاء الإخوة الكرام في مركز الشباب هم الذين قاموا على أمر الدعوة، وهم الذين تكلفوا لتسمعوا دعوة الله عز وجل، فهذه دعوة، وهذا الذي أخذ إعلاناً لمحاضرة ووضعه في مسجد دعوة، وهذا الذي دعا أخاه، أو دعا زوجته، أو دعا ابنته ليحضر ليكثر سواد المسلمين، هذه دعوة، وهذا الذي طبع مائة أو ألف شريط، وتحرك على سائقي السيارات ودفع إليهم الأشرطة ليبلغوا دين الله، قد شارك في الدعوة، فلا تحقرن من المعروف شيئاً، فمن رحمة الله سبحانه أن فتح لنا من المعروف أبواباً كثيرة؛ ليتحرك كل مسلم على قدر استطاعته، وعلى قدر طاقته لدين الله عز وجل.

ولكن الذي ينبغي أن نفجره في القلوب، هو أن ينام كل مسلم ليفكر في دين الله وفي دعوة الله، لا تنم ملء عينك، ولا تأكل ملء بطنك، ولا تضحك ملء فمك وأنت منشغل عن دين الله، وعن دعوة الله، وكأن الأمر لا يعنيك، والله لتسألن عن هذا الدين: (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع) ستسأل عن كل هذه النعم عن الأموال، وعن العمر، وعن الصحة، وستسأل عن كل هذه النعم بين يدي الله عز وجل، وفي قبرك ستسأل عن هذا الدين من ربك؟ من نبيك؟ ما دينك؟ فهل ستستطيع أن تجيب وتقول: ديني الإسلام وأنت ما بذلت لدين الله! وأنت ما تحركت لدعوة الله! وأنت ما أنفقت الوقت والجهد والمال والطاقات الهائلة التي منَّ الله بها عليك لدعوة الله؟!