كلمة التوحيد ليست كلمة ترددها الألسنة، وتنكرها القلوب والأعمال، إن كلمة التوحيد واقع وسلوك، إن كلمة التوحيد دين كامل وشامل، فكم من المسلمين يردد كلمة التوحيد وهو لا يفهم لها معنى، ولا يعرف لها مدلولاً، ولا يعرف لها مقتضى! ولقد نجح أعداء ديننا نجاحاً باهراً في تجهيل المسلمين بحقيقة لا إله إلا الله، فجعلوا كلمة التوحيد في جانب والمسلمين بفهمهم لها في جانب آخر، حتى صار المسلمون في واد، وصار الإسلام وحقيقة التوحيد كما أرادها الله، وكما جاء بها ابن عبد الله في واد آخر.
نجحوا في أن يفرغوا لا إله إلا الله من محتواها كله، ومن مضمونها كله، ومن معناها كله، حتى صار المقتضى والمعنى والمفهوم منها في جهة، وصار المسلمون في فهمهم لها في جهة أخرى، ولا حول ولا قوة إلا بالله! فلا إله إلا الله لا تنفع إلا من قالها بلسانه، وصدقها بقلبه، وطبقها بأعماله، والإيمان قول باللسان، واعتقاد بالجنان، وعمل بالجوارح والأركان؛ هذا هو مذهب أهل السنة والجماعة.
فلابد أن تقولها بلسانك، وأن تصدقها بقلبك، وأن تترجم ذلك بأعمالك وجوارحك، إذا وقر الإيمان في القلب انعكس على جوارح العبد، فتحركت الجوارح بطاعة الله عز وجل، فائتمرت بأمر الله، وانتهت بنهي الله، ووقفت عند حدود الله جل وعلا.
إذاً: ليس كل من قال: (لا إله إلا الله) دخل الجنة، فلهذه الكلمة شروط لا ينتفع قائلها إلا بها، وهذه الشروط -بإيجاز شديد- هي التي جمعها صاحب المعارج بقوله: العلم واليقين والقبول والانقياد فادر ما أقول والصدق والإخلاص والمحبه وفقك الله لما أحبه