[بدعة القول بتحريم النقاب]
أيها الأحبة! إن مما ابتلينا به في هذه الأيام: بدعة محدثة خطيرة، وقولة آثمة شريرة، ألا وهي القول بتحريم النقاب، تولى كبرها طبيب بيطري يرأس تخصصات الطب الشرعي والسموم بجامعة القاهرة.
إن هذه الدعوى أوسع من الغبراء، وأكبر من أن تظلها الخضراء دعوى مخترعة محدثة لم تسمع من قبل من أحد من العلماء دعوى فاسدة يغني فسادها عن إفسادها باطلة يغني بطلانها عن إبطالها.
إنها دعوى أن المحجبة المنقبة آثمة عاصية مجرمة مستحقة لعقاب الله وغضبه بسبب ارتدائها النقاب، وأن المتهتكة المتبرجة أفضل منها؛ لأنها أقل ابتلاءً وأقرب إلى سواء السبيل، فإنا لله وإنا إليه راجعون! هل سمعتم -يا عباد الله! - قولة خطيرة على مدى التاريخ كله كهذه القولة الجائرة الظالمة؟! لماذا يثير النقاب هذه البغضاء الكامنة في قلوب هؤلاء؟ لماذا لا يطيقون رؤية النقاب؟ لماذا يعلنون الحرب على الستر والعفاف؟ لماذا لا تكون هذه الحرب الهوجاء على التبرج والعري والعهر والفجور والإباحية والعربدة تحت ستار المدينة والتطور المظلم الأسود؟ لماذا لا تكون هذه الحرب الشعواء على المتبرجات على الكاسيات العاريات المائلات المميلات، اللائي ينفثن سموم الفتنة في قلوب الشباب والرجال في الليل والنهار؟ لقد أصبحت المنقبة الطاهرة آثمة في عصر تبدلت فيه الحقائق، وانقلبت فيه الموازين، فصار المعروف منكراً والمنكر معروفاً، والسنة بدعة والبدعة سنة.
أصبحت المنقبة هي الآثمة العاصية المجرمة، والمتهتكة الخليعة المتبرجة هي الأقرب إلى سواء السبيل!! رويداً رويداً، ومهلاً مهلاً يا دعاة التبرج والسفور! فأين حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه مسلم وأحمد وهو من معجزات النبي الخالدة من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: (صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات، رءوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا).
وفي رواية الإمام الطبراني: (العنوهن فإنهن ملعونات).
فلا تبال بما يلقون من شبه وعندك العقل إن تدعيه يستجب سليه من أنا من أهلي لمن نسبي للغرب أم أنا للإسلام والعرب؟ لمن ولائي لمن حبي لمن عملي لله أم لدعاة الإثم والكذب؟ وما مكاني في دنيا تموج بنا في موضع الرأس أم في موضع الذنب هما سبيلان يا أختاه ما لهما من ثالث فاكسبي خيراً أو اكتسبي سبيل ربك والقرآن منهجه نور من الله لم يهزم ولم يغب في ركبه شرف الدنيا وعزتها ويوم نبعث فيه خير منقلب هذه الدعوة خطيرة، وكان من الواجب على كل العلماء والدعاة أن يتصدوا لها، لماذا؟ لأنها اشتهرت وانتشرت، وفرضتها جريدة النور -حيث لا نور- على الناس فرضاً ولمدة تسعة أشهر كاملة! وأخيراً تحولت هذه الفتوى إلى كتاب كبير يعلن عنه في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، ومما يؤلم القلب أن مجلة (أكتوبر) قد أجرت حواراً مع فضيلة المفتي بعنوان (مجرد غسيل مخ)، وزعم فضيلته أن النقاب ليس من الإسلام في شيء، ثم أثنى ثناءً حميداً على مقالات: تذكير الأصحاب بتحريم النقاب، ووصفها بأن حجتها قوية وقاطعة.
ونود أن نذكر فضيلة المفتي بما كتبه هو بيده في تفسيره للقرآن العظيم في سورة الأحزاب، فلقد فسر فضيلته آية الإدناء بأنها تشمل تغطية الوجه من المرأة، ولكن هذا الحكم الذي كتبه فضيلته كان قبل أن يتولى فضيلته منصب الإفتاء، نسأل الله الثبات على الحق، ونسأل الله حسن الخاتمة، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
ورد في الحديث الذي رواه مسلم من حديث أبي عمرو جرير بن عبد الله أنه صلى الله عليه وسلم قال: (من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء).
أيها المسلمون! أيتها المسلمات! إليكم بعض الأقوال الخطيرة التي نشرها صاحب هذا الكتاب لتشهدوا عليه وعليها أمام الله عز وجل -إن لم يتب ويرجع إلى الله- في يوم سيعرض فيه الجميع على الله جل وعلا في يوم لا تنفع فيه الكراسي الزائلة، والمناصب الفانية، في يوم تنصب فيه الموازين، وتتطاير الصحف، وتقرأ الكتب، وصدق الله إذ يقول: {اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} [الإسراء:١٤].
وصدق من قال: مثل وقوفك يوم العرض عريانا مستوحشاً قلق الأحشاء حيرانا والنار تلهب من غيظ ومن حنق على العصاة ورب العرش غضبانا اقرأ كتابك يا عبد على مهل فهل ترى فيه حرفاً غير ما كانا لما قرأت ولم تنكر قراءته إقرار من عرف الأشياء عرفانا نادى الجليل خذوه يا ملائكتي وامضوا بعبدٍ عصى للنار عطشانا المشركون غداً في النار يلتهبوا والمؤمنون بدار الخلد سكانا نسأل الله أن يسترنا وإياكم في يوم الفضائح، إنه ولي ذلك ومولاه، وأن يجعل قولنا وعملنا خالصاً لوجهه إنه سميع مجيب الدعاء!