[الإيمان والعقيدة هما الأصل في إيجاد السعادة]
لخص الله هذا الطريق في آيات محكمة لمن أراد السعادة في الدنيا والآخرة، قال جل جلاله: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل:٩٧] إيمان بالله جل وعلا، وعمل صالح، واستقامة على هذا الدرب حتى تلقى الله {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ} [النحل:٩٧] إذ أن الإيمان والعقيدة هما الأصل، ولا تصدق أبداً أن الأمة الآن أصبحت في غنىً عن العقيدة، أو في غنىً عن دعاة يركزون على العقيدة والتوحيد، فإن التوحيد هو اللبنة الأولى إن أرادت هذه الأمة أن يعاد إليها عزها ومجدها المسلوب.
فالإسلام عقيدة تنبثق منها شريعة تنظم هذه الشريعة كل شئون الحياة، ولا يقبل الله من قوم شريعتهم إلا إذا صحت عقيدتهم، يخرج علينا من يقول: لا تكثروا الدندنة حول الإيمان أو التوحيد؛ لأن النبي بدأ بالتوحيد، إذ أنه بدأ في بيئة شركية، فلا داعي للإكثار من الحديث عن التوحيد والإيمان وأركانه وأبوابه.
أقول: إن الأمة اليوم في أمس الحاجة إلى التوحيد، بل لقد قال الله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا} [النساء:١٣٦] فقد أثبت لهم عقد الإيمان ابتداءً؛ ومع ذلك يأمرهم بالإيمان؛ ليظل الإيمان عقيدة حية في قلوبهم، وراسخة في ضمائرهم، وعاملة في حياتهم وواقعهم، فلا بد أيها الحبيب من تأصيل الإيمان وتحقيقه وتجريده وتخليصه من أي شائبة من شوائب الشرك، فالأمة لا زالت الملايين المملينة فيها تسأل غير الله، وتستغيث بغير الله، ونحَّت شريعة الله جل وعلا، في كل عام في مصر وفي غيرها يحج إلى بعض القبور الملايين من البشر، وسمعنا بآذاننا عبر شاشات التلفاز من يقول: إننا الليلة نحتفل بمولد السيد البدوي المهاب، الذي إذا دعي في البر والبحر أجاب، وسمعنا من يخاطب النبي المصطفى ويقول:
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم
ومن فيض جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم
وسمعنا من أبناء الأمة من يقول:
هبوا لي ديناً يجعل العرب أمة وسيروا بجثماني على دين برهم
سلام على كفر يوحد بيننا وأهلاً وسهلاً بعده بجهنم
وسمعنا من أبناء الأمة من يقول: إن مصر ستظل فرعونية، ولو وقف الإسلام حجر عثرة في طريق فرعونيتنا لنحينا الإسلام جانباً لتظل مصر فرعونية.
وسمعنا من أبناء الأمة من يقول: إن القرآن منتج ثقافي.
وسمعنا من يقول:
آمنت بالبعث رباً لا شريك له وبالعروبة ديناً ما له ثانِ
ويخرج من يقول: كفوا عن التوحيد، أين التوحيد في هذه الأمة؟ ليكف الدعاة عن التركيز على التوحيد والإيمان؛ لتحقيقه وتجريده، فوالله لا عز ولا نجاة لهذه الأمة إلا إذا حققت الإيمان بالله جل وعلا ابتداءً: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ} [النحل:٩٧].