قال النبي الصادق الذي لا ينطق عن الهوى كما في مسند أحمد وسنن أبي داود بسند صحيح من حديث ثوبان أن النبي صلى عليه وسلم قال:(يوشك)، ولفظة يوشك للقريب، توحي بالقرب (يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأَكَلَةُ إلى قصعتها).
لقد صرح بوش أنه سيعلن الحرب ضد الإرهاب، وضمت القائمة ستين دولة، وهذا هو عدد الدول العربية والإسلامية على وجه الأرض، (يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها، قالوا: أومن قلة نحن يومئذٍ يا رسول الله؟! قال: لا.
أنتم يومئذ كثير، ولكن غثاء كغثاء السيل) انظر إلى هذا الزِّبَدِ الذي يقذف به السيل لا وزن له ولا قيمة، يؤرجحه التَّيَّارُ حيثما شاء وأراد، (ولكنكم غثاء كغثاء السيل، وليوشكن الله أن ينزع المهابة من قلوب عدوكم، ويقذف في قلوبكم الوهن، قيل: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت) صدق المصطفى الذي لا ينطق عن الهوى، صارت الأمة غثاءً من النفايات البشرية، تعيش على ضفاف مجرى الحياة الإنسانية كدول، أستغفُر الله، بل كدويلات متناثرة متصارعة متحاربة، تفصل بينها حدود جغرافية مصطنعة، ونعرات قومية جاهلية مقيتة، وترفرف على سمائها رايات القومية والعروبة والوطنية، وتحكم الأمة قوانين الغرب العلمانية، وتدور بالأمة الدوامات السياسية، فلا تملك الأمة نفسها عن الدوران، بل ولا تختار لنفسها حتى المكان الذي تحب أن تدور فيه.
ذلت بعد عزة، وجهلت بعد علم، وضعفت بعد قوة، وأصبحت في ذيل القافلة البشرية بعدما كانت بالأمس القريب تقود القافلة كلها بجدارة واقتدار، وأصبحت تتسول على موائد الفكر البشري بعد أن كانت بالأمس القريب منارة تهدي الحيارى والتائهين ممن أحرقهم لَفْحُ الهاجرة القاتل، وأرهقهم طول المشي في التيه والظلام.
بل وأصبحت الأمة تتأرجح في سيرها، وضلت طريقها بعد أن كانت الأمة بالأمس القريب الدليل الحاذق الأرب في الدروب المتشابكة، بل في الصحراء المهلكة التي لا يهتدي للسير فيها إلا الأَجِلِّاءُ المجربون.
أهذه أمة دستورها القرآن وقائدها محمد عليه الصلاة والسلام؟!! أهذه هي الأمة التي خوطبت من الله سبحانه بقوله:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ}[آل عمران:١١٠]؟!! أهذه هي الأمة التي خوطبت من الله بقوله:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}[البقرة:١٤٣]؟!! أهذه هي الأمة التي خوطبت من الله بقوله:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا}[آل عمران:١٠٣]؟!! إن خيرية الأمة ليست عصبية ولا عنصرية ولكنها خيرية هداية وإيمان، والتزام بشرع الله، كما ذكر سبب خيريتها فقال سبحانه:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}[آل عمران:١١٠]، فبات في الأمة الآن من يشرك بالله، انظر إلى الملايين المملينة في الأمة التي لا تعرف شيئاً عن شرع ربها: ضيعت الصلاة، ضيعت الزكاة، ضيعت الحج مع القدرة، تسأل غير الله، تستغيث بغير الله، تستعين بغير الله، تثق بأمريكا وببعض دول الأرض أكثر من ثقتها بالله، إلى آخر هذا الوباء والبلاء، بات في الأمة الآن من يشرك بالله، وبات في الأمة الآن من يأمر بالمنكر، وينهى عن المعروف!