وهذا صاحب أعلى يقين عرفته الأرض، حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي ما ترك سبباً من الأسباب إلا وأخذ به يوم الهجرة، ومع ذلك تأصلت كل هذه الأسباب في لحظة، فالتف المشركون حول الغار بين غمضة عين وانتباهتها، وهنا يقول الصديق رضوان الله عليه صاحب أعلى ذروة سنام الصديقية في الأمة يقول للنبي: يا رسول الله! لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا، وهنا يعلم النبي صلى الله عليه وسلم الصديق والأمة من بعده درساً من أغلى دروس اليقين ويقول:(يا أبا بكر! ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟! لا تحزن إن الله معنا).
فليخرج أبو جهل، وليخرج المشركون عن بكرة أبيهم؛ ليقلبوا الحجارة، بل ولينقبوا بين حبات الرمال عن النبي وصاحبه، فورب الكعبة لن يصلوا إليهما أبداً، لماذا؟ لقول الحبيب:(إن الله معنا).
بك أستجير ومن يجير سواكاً فأجر ضعيفاً يحتمي بحماكا إني ضعيف أستعين على قوي ذنبي ومعصيتي ببعض قواكا أذنبت يا ربي وقادتني ذنو ب ما لها من غافر إلا كا دنياي غرتني وعفوك شدني ما حيلتي في هذه أو ذاكا لو أن قلبي شك لم يك مؤمناً بكريم عفوك ما غوى وعصاكا رباه هأنذا خلصت من الهوى واستقبل القلب الخلي هواك رباه هأنذا خلصت من الهوى رباه قلب تائب ناجاكا أترده وترد صادق توبتي حاشاك ترفض تائباً حاشاكا فليرض عني الناس أو فليسخطوا فلم أعد أسعى لغير رضاكا (يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟! لا تحزن إن الله معنا)؛ فمن كان الله معه لم يحزن؟! ومن كان الله معه فممن يخاف؟! ممن يخاف ومعه القوي الذي لا يقهر، ممن يخاف ومعه العزيز الذي لا يغلب، ممن يخاف ومعه القيوم الذي لا ينام، ممن يخاف ومعه الحي الذي لا يموت، ممن يخاف ومعه القوي الذي لا يقوى عليه شيء؟! ولا يقدر على إعلان الحرب عليه أي أحد، {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ}[المدثر:٣١].