أول مبطلات الصيام: الجماع، فإن جامع الصائم زوجته في نهار رمضان بطل صومه، ووجب عليه القضاء والكفارة المغلظة، وهي: عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، وإن أفطر يوماً بين الشهرين وجب عليه أن يواصل وأن يستأنف الصيام من جديد مرة أخرى لتحصل له المتابعة، أما إن مر عليه في وسط الشهرين عذر شرعي، أو عذر حسي فلا حرج عليه أن يفطر، ثم يواصل الصيام، ولا يستأنف الصيام من جديد.
فإن مر عليه عذر شرعي كأيام العيدين -مثلاً- فحينئذ يجوز له أن يفطر وأن يواصل الصيام مرة أخرى، ولا يستأنف الصيام من جديد، وإن مر عليه عذر حسي كالمرض جاز له أن يفطر ثم يواصل الصيام مرة أخرى، ولا يستأنف الصيام من جديد.
واختلف العلماء في حكم الكفارة هل هي على الترتيب أم على التخيير؟ والراجح أن الكفارة على الترتيب، وهذا قول جمهور أهل العلم، واستدلوا على ذلك بما رواه الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال:(بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله هلكت! -وفي لفظ عن عائشة في الصحيح: قال: يارسول الله احترقت! - فقال النبي عليه الصلاة والسلام: مالك؟ قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم! فقال النبي عليه الصلاة والسلام: فهل تجد رقبة تعتقها؟ قال: لا.
قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا.
قال: فهل تجد إطعام ستين مسكيناً؟ قال: لا.
يقول أبو هريرة: فمكث النبي صلى الله عليه وسلم، وبينما نحن كذلك إذ أتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق -أي: بمكتل فيه تمر- فقال النبي عليه الصلاة والسلام: أين السائل؟ -وفي لفظ عائشة: أين المحترق آنفاً؟ فقال: أنا يا رسول الله! فقال النبي عليه الصلاة والسلام: خذ هذا التمر وتصدق به.
فقال الرجل: على أفقر مني يا رسول الله؟! فوالله ما بين لابتيها -أي: المدينة- أهل بيت أفقر من أهل بيتي، فضحك النبي عليه الصلاة والسلام حتى بدت نواجذه، وفي لفظ البخاري: حتى بدت أنيابه، ثم قال عليه الصلاة والسلام: خذ هذا فأطعمه أهلك).
والدليل من هذا الحديث: الترتيب في الكفارة، فجمهور الفقهاء يقولون: إن الكفارة على الترتيب لا على التخيير.
واختلف العلماء في حكم المرأة التي أكرهها زوجها على الجماع في نهار رمضان، والراجح -بدون تفريعات أقوال أهل العلم- أن المرأة التي يكرهها زوجها على الجماع في نهار رمضان يجب عليها القضاء فقط دون الكفارة؛ إذ لم يثبت دليل صحيح يلزمها بالكفارة في حالة الإكراه.