فقال لها المصطفى عليه الصلاة والسلام:(ويحك ارجعي استغفري الله وتوبي إليه)، فقالت المرأة: أتريد أن تردني كما رددت ماعز بن مالك؟ يا إلهي! هل المرأة تقول هذا؟! يقول لها المصطفى عليه الصلاة والسلام:(ويحك ارجعي فاستغفري الله وتوبي إليه) فترد المرأة على رسول الله قائلة: أتريد أن تردني كما رددت ماعز بن مالك، إن في بطني حملاً من الزنا فماذا قال الحبيب: أرجم؟ أقتل؟ لا، وإنما قال:(اذهبي حتى تضعين هذا الولد)، فهذا الولد ما جريرته؟ فانطلقت المرأة حتى وضعت ولدها، وجاءت تلفه في خرقة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهي تقول: يا رسول الله! طهرني.
جاءت بعد ثمانية أشهر أو أكثر أو أقل، جاءت بعد هذه الشهور الطويلة وما نسيت وما هربت، وما خافت أن تأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما جاءت بعد أشهر طويلة تقول: يا رسول الله! طهرني.
فهل أمر النبي برجمها؟ كلا.
سبحان الله! إذاً ماذا فعل؟ قال:(انطلقي وارضعيه سنتين كاملتين حتى تفطميه)، فانطلقت المرأة برضيعها -وهذه في رواية صحيحة في صحيح مسلم- وأرضعته حولين كاملين، وعادت المرأة بعد فطام الولد وهو يحمل كسرة خبز بيده، فقالت: يا رسول الله! هذا ولدي قد فطمته، وها هو يأكل الخبز فطهرني.
بعد سنتين! بل إن شئت فقل: بعد ثلاث سنوات ولم تنس المرأة أن تأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليقيم عليها حد الله جل وعلا، فيأمر النبي صلى الله عليه وسلم بها أن ترجم، فيحفر لها وتوضع في الحفرة وترجم، وكان من بين الراجمين خالد بن الوليد رضي الله عنه وأرضاه، فرجمها خالد بحجر فانفضخ الدم منها على وجهه، فسبها خالد بن الوليد، فسمع النبي سب خالد لها، فقال:(مهلاً يا خالد! أي: لا تسب هذه المرأة.
ثم قال الحبيب: والله لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر الله له)، وانظر إلى هذه المنقبة: فقد أمر النبي بها فغسلت وكفنت وصلى عليها المصطفى ودفنها، ويا لها من كرامة أن يدعو لها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يصلي عليها نهر الرحمة وينبوع الحنان بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام.
هذا -أيها الأحبة- هو حد الزاني إن كان بكراً وإن كان محصناً.