كان صلى الله عليه وسلم كث اللحية، أي: ذا وفرة، وكانت لحيته تملأ صدره صلى الله عليه وآله وسلم، فهيا أيها المحب لحبيبك المصطفى قلده في كل شيء دون خوف من أحد، ورزقك على الله، وأجلك بيد الله، والأمر كله بيد الله جل وعلا، لا تظن أن إعفاءك للحية سيعوق تحركك في الدعوة لدين الله عز وجل، لا والله، لو كان الأمر كذلك لما فعله المصطفى صلى الله عليه وسلم في وقت كان أحوج فيه إلى أن يدعو الناس لدين الله عز وجل، فلا تتنازل أبداً عن أمر من أمور هذا الدين، ونحن لا نقسم الدين إلى قشور ولباب، ولكنني أتفق تماماً مع أحبابي وإخواني الذين يقولون بفقه الأولويات في أمر الدعوة إلى الله عز وجل، إذ إنه لا يجوز لك أبداً أن تمر على أناس جلسوا يشربون الخمر، فإذا ما قاموا بين يديك ووجدت ثوب أحدهم طويلاً يجرجره على الأرض، فهنا ليس من الفقه أن تقول له: يا أخي! ثوبك طويل قصر الثوب؛ لأن إطالة الثياب حرام، لكن وهو يشرب الخمر الواجب أن تحذره من شرب الخمر، وتبين له حرمته؛ لأنها أعظم، وهذا اسمه: فقه الأولويات.
كذلك إذا رأيت علبة سجائر مع شخص وكأس خمر، فليس من الفقه أن تقول: يا أخي! الدخان حرام، بل تبدأ بنهيه عن شرب الخمر أولاً.
فأنا مقتنع تماماً مع أحبابي وإخواني الذين يقولون بفقه الأولويات، ولكنني أود أن أقول: شتان بين فقه الأولويات، وبين التحقير والسخرية من الفرعيات والفقهيات! فإن الذي جاء بالكل هو الذي جاء بالجزء صلى الله عليه وآله وسلم.
إذاً: يا أحباب! النبي صلى الله عليه وسلم كانت له لحية كبيرة تملأ صدره، فما عليك إلا أن تتوكل على الله ولا تخف، وأطلق لحيتك ولا تحتج بأي شيء، وكن على يقين بأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأن ما أصابك لم يكن ليخطئك.
وكذلك لو أكرمك الله بابن ملتزم وأطلق اللحية، فاترك الخوف عليه، ولا تقف حجر عثرة أمامه، لا تكن حجر عثرة في طريق التزام ولدك، وأسأل الله أن يرزقنا وإياكم الاتباع بكل صوره وأشكاله، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أما عنق النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان عنقه كإبريق فضة من شدة البياض صلى الله عليه وسلم.