أيها المسلم! اعلم بأن السعادة الحقيقية تكمن في دين الله جل وعلا وامتثال منهجه.
إن العالم كله محروم من السعادة بلا نزاع وجدال، على الرغم من كثرة الأموال والبنوك والأسواق.
وعلى الرغم من كثرة المخترعات في جانب الأمن فإن العالم محروم من نعمة الأمن والأمان، ومحروم من نعمة السعادة! لماذا؟ لأنه انحرف عن منهج الله جل وعلا، وابتعد عن منهجه، ولا سعادة لمخلوق على ظهر هذه الأرض إلا إذا سمع عن الله فامتثل، واستجاب لأمر محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.
ولا تقل لي: أين النموذج؟ أقول لك: ما وجد هذا النموذج الذي يحول الإسلام في واقع الناس إلى منهج حياة، وإلى واقع عملي، فمن الظلم إذاً أن نحكم على منهج الله ودين الله بأنه ما حقق السعادة للناس على أرض الواقع؛ لأنه ما قدم إلى الآن هذا المنهج بالصورة التي ارتضاها الله جل وعلا أو رسوله صلى الله عليه وسلم.
وهاهو المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، يوم أن حول أصحابه هذا الدين إلى واقع عملي ومنهج حياة، تحولوا من رعاة للإبل والغنم إلى سادة وقادة للدول والأمم، فلا سعادة إلا إذا عادت البشرية إلى الله، بعد أن أحرقها لفح الهاجرة القاتل، وأرهقها طول المشي في التيه والظلام، فإن البشرية كلها من خلق الله، ولن تعالج فطرتها وأمراضها إلا بدواء يقدم لها من عند الله، وهذا الدواء هو كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فهيا أيها المسلم! قم وضم العالم كله إلى صدرك، وأسمعه خفقات قلبك الذي وحد الله جل وعلا، هيا قم ودثر العالم كله ببردتك ذات العبق المحمدي، بيّن للدنيا عزة وعظمة وأخلاق هذا الدين، والله أسأل أن يجعلنا وإياكم خير دعاة بأقوالنا وأخلاقنا وسلوكنا ورحمتنا وتواضعنا وبذلنا لهذا الدين، فإن أعظم خدمة نقدمها اليوم أيها المسلمون لهذا الدين العظيم هي: أن نشهد له شهادة عملية على أرض الواقع، بعدما شهدنا له جميعاً شهادة قولية؛ لأننا نرى انفصاماً رهيباً بين هذا المنهج المنير، وبين هذا الواقع المر المرير.
والله أسأل أن يجعلنا وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.