[الأمور التي تحل بها قضية فلسطين]
أنا أدين لربي بأن القضية تحل في كلمتين اثنتين لا ثالث لهما: الأولى: تحقيق الإيمان.
الثانية: رفع راية الجهاد في سبيل الله.
ولن ترفع الراية إلا إذا حققت الأمة الإيمان؛ لأن الله ما أمر بالجهاد إلا من حقق الإيمان ابتداءً.
والإيمان يا شباب! ليس كلمة ترددها الألسنة، ولا دخاناً في الهواء، ولكن الإيمان الذي ستنصر به الأمة والذي سترفع به الأمة راية الجهاد في سبيل الله هو قول وتصديق وعمل، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا} [الصف:١٠]، يثبت الله لهم في صدر الآية بالنداء عقد الإيمان، ومع ذلك يأمرهم بتحقيق الإيمان قبل أن يأمرهم برفع راية الجهاد في سبيل الله، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الصف:١٠ - ١١]، مع أنه قد أثبت لهم عقد الإيمان في صدر الآية لكن لابد من أن تحقق الأمة الإيمان بالله.
فأمة لا تعرف ربها كيف تنصر؟ أمة لا تعرف معنى العقيدة كيف يمكن الله لها؟ والله ما وعد الله بالنصرة والعزة والتمكين إلا لأهل الإيمان، كما قال تعالى: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم:٤٧]، وقال: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ} [النور:٥٥] الآية، وقال: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون:٨]، فلن ترفع الأمة راية الجهاد دون أن تحقق الأمة العقيدة.
وأنا أسأل من هم الذين يدعون لإخواننا في فلسطين في صلواتهم؟! فانظروا إلى الحسرة والمرارة، حتى الدعاء بخلنا به، فأمة بخلت بالدعاء فهل تجود بالأموال والدماء؟! ونحن نصرخ: الجهاد الجهاد، القدس القدس! ولكن نريد صدقاً، فما أيسر التنظير! وما أسهل الكلمات الرنانة! لكن نريد صدقاً في التوجه، ونريد صدقاً في تحقيق الاعتقاد؛ فلن يحرر القدس إلا رجل عقيدة عرف الله جل وعلا، لقد عاد إخوانكم هنالك على أرض فلسطين إلى الله، وعلموا يقيناً أن أمريكا وأن البيت الأبيض والبيت الأحمر والبيت الأسود وهذه المنظمات لن تنصر قضية، ولن تنصر توحيداً، فعادوا إلى الله.
يحدثني إخوانكم من هنالك ويتصلون بي من على أرض المعركة ويخبرونني بأن الناس هنالك في هذه الحرب الضروس قد عادوا إلى الله جل وعلا، وعلموا يقيناً أنه لا ملجأ ولا ملاذ من الله إلا إليه، وعلموا أنه لن ينصرهم إلا الله، فالأمة لن تنصر إلا بالعقيدة.
يُذكر أن جحا صنع يوماً ساقية على النهر؛ لتأخذ الماء من النهر ولترد نفس الماء إلى نفس النهر، فتعجب العقلاء منه، وقالوا: عجباً لك يا جحا! تصنع ساقية على النهر؛ لتأخذ الماء من النهر ولترد نفس الماء إلى نفس النهر؟! فقال جحا: يكفيني نعيرها! ونحن نقول: منذ متى والأمة تصرخ، وتشجب، وتستنكر في مؤتمرات صحفية باردة كبرود الثلج، وفي كلمات هي أسكن من مياه البحر الميت؟ والعالم لا يعرف هذه اللغة، كما صرح الإرهابي الكبير بيجن: إننا نحارب، إذاً: نحن موجودون.
وقد قال بن غوريون منذ أربعين سنة أو يزيد: قد لا يكون لنا الحق في فلسطين من منظار سياسي أو قانوني، ولكنها أرض المعاد التي وعدنا الله إياها من النيل إلى الفرات، وإنه يجب الآن على كل يهودي أن يهاجر إلى دولة إسرائيل -هذا على حد تعبيره- بعد إنشائها؛ فإن كل يهودي لا يهاجر بعد اليوم إلى دولة إسرائيل، فإنه يكفر يومياً بتعاليم التوراة.
فهم يتحركون هنالك عن عقيدة، وقد صرح نتنياهو -ويومها كنت في أمريكا، وكنت أتابع نتيجة انتخاباته يوم نجح برئاسة الوزراء- وقال قولته الخطيرة: وأخيراً صوت اليهود للتوراة.