أي أمة تدعي الحب للمصطفى وقد نحَت شريعته فهي أمة كاذبة، وأي أمة تحتفل بالمصطفى في كل ربيع من كل عام وقد حكمت في الأموال والأعراض والدماء والفروج القوانين الوضعية الفاجرة الجائرة، ونحت كتاب الله وشريعة رسوله فهي أمةٌ خاسرة لا ساق لها ولا قدم.
وسترى الأمة تتعرض لمزيد من الضربات من إخوان القردة والخنازير ممن كتب الله عليهم الذلة حتى تفيء الأمة إلى منهج ربها، وإلى شريعة الحبيب نبيها صلى الله عليه وسلم.
ووالله إنه لا فلاح لها ولا عز ولا صلاح ولا سعادة في الدنيا والآخرة إلا إذا عادت من جديد إلى الله، وأعلنت توبتها إلى الله، وحققت هذه التوبة على أرض الواقع في إذعان لأمر الله وانقياد لشرع رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قال الله جل وعلا على لسان نبيه يوسف:{يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ * مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ}[يوسف:٣٩ - ٤٠]، فأبت الأمة التي لا تستحي إلا أن تقول: إن الحكم إلا لمجلس الشعب، والله يقول:(إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) فردت الأمة الجريئة وقالت: إن الحكم إلا للبيت الأبيض! الله يقول: (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) فردت الأمة المخدوعة وقالت: إن الحكم إلا للبيت الأحمر! فركبت قارب القوانين الوضعية الجائرة وظنت الأمة المسكينة أنها قد ركبت قوارب النجاة وسط هذه الرياح الهوجاء والأمواج المتلاطمة، فخابت الأمة وخسرت وغرقت الأمة وأغرقت أبناءها.
فأين الشريعة؟! يكاد القلب أن ينخلع من هذا، ووالله إن القلب لينزف حين تسمع عالماً يشار إليه بالبنان يظهر أمام شاشة التلفاز ليقول بجرأة وبجاحة: الشريعة الإسلامية في مصر مطبقة بنسبة (٩٩%) وهذا ظلم وكذب؛ وأين الشريعة في الحكم؟! وأين الشريعة في الإعلام؟! أين الشريعة في التعليم؟! وأين الشريعة في الاقتصاد؟! وأين الشريعة على شواطئ البحار العارية؟! وأين شريعة النبي المحكمة؟! قال تعالى:{أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}[المائدة:٥٠]، وقال تعالى:{فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ}[النساء:٦٥] قال علماء اللغة: (لا) في الآية نافية، أي: ينفي الله الإيمان عن قوم أعرضوا عن حكم الله وعن حكم رسول الله.
في (مدارج السالكين) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: حكمي فيمن قدم حكمه على حكم النبي أن يضرب رأسه بالسيف) فعلق ابن القيم على مقولة عمر وقال: فكيف لو رأى عمر ما حدث في زماننا من تقديم رأي فلان وفلان على حكم رسول الله!! وأنا أقول: فكيف لو رأى ابن القيم ما حدث في زماننا من تحقير شريعة رسول الله وتنقيص قدرها، بل والسخرية منها، بل والاستهزاء بها، بل واتهامها بالجمود والرجعية والتخلف والتأخر وأنها لم تعد قادرة على مواكبة روح القرن العشرين!! فإن أرادت الأمة أن تعلن حب الله وحب رسول الله فلتسأل الأمة نفسها: أين هي من شريعة نبينها المصطفى؟! وأين شريعة المصطفى منها؟! أما أمة تغني للنبي صلى الله عليه وسلم وقد نحت شريعته فهي كاذبة، أمة ترقص وتَطبل وتَزٌمر وتسمع الكلمات الرنانة، وتسمع الخطب المؤثرة والمواعظ الرقيقة من أعلى المستويات إلى أقل المستويات وإذا نظرت إلى واقعها بكيت دماً بدل الدمع!! لقد أصبحت الأمة أمة تذوب في بوتقة الغرب الكافر، وتركت بين يديها أصل العز ونبع الشرف ومعين الكرامة ومصدر الهداية، تركت القرآن والسنة والشريعة المحكمة المطهرة، وذابت في بوتقة الغرب في أحكامه في أخلاقه في معاملاته ويا ليت الأمة! قد نقلت أروع ما وصل إليه الغرب في الجانب العملي والمادي، ولكن الأمة -بكل أسف- تركت أروع ما وصل إليه الغرب في الجانب العلمي ونقلت أعفن وأقذر ما وصل إليه الغرب في الجانب العقدي والأخلاقي، ولا زلت تقرأ وتسمع إلى الآن أن من بين أبناء الأمة المخدوعين من يتغنى بالغرب!! وكأن الغرب الآن أصبح إلهاً لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه!! قالوا لنا الغرب قلت صناعة وسياحة ومظاهر تغرينا لكنه خاوٍ من الإيمان لا يرعى ضعيفاً أو يسر حزينا الغرب مقبرة المبادئ لم يزل يرمي بسهم المغريات الدينا الغرب مقبرة العدالة كلما رفعت يد أبدا لها السكينا الغرب يحمل خنجراً ورصاصة فعلام يحمل قومنا الزيتونا؟! الغرب يكفر بالسلام وإنما بسلامه الموهوم يستهوينا كفر وإسلام فأنى يلتقي هذا بذلك أيها اللاهونا؟! أنا لا ألوم الغرب في تخطيطه لكن ألوم المسلم المفتونا وألوم أمتنا التي رحلت على درب الخضوع ترافق التنينا وألوم فينا نخوة لم تنتفض إلا لتضربنا على أيدينا يا مجلس الأمن المخيف إلى متى تبقى لتجار الحروب رهينا وترضى بسلب حقوقنا منا وتطلبنا ولا تعطينا لعبت بك الدول الكبار فصرت في ميدانهن اللاعب الميمونا شكراً لقد أبرزت وجه حضارة غربية لبس القناع سنينا شكراً لقد نبهت غافل قومنا وجعلت شك الواهنين يقينا يا مجلساً في جسم عالمنا غدا مرضاً خفياً يشبه الطاعونا إني أراك على شفير نهاية ستصير تحت ركامها مدفونا إن كنت في شك فسل فرعون عن غرق وسل عن خسفه قارونا اللهم أقر أعيننا بنصرة التوحيد والموحدين برحمتك يا أرحم الراحمين! إن أرادت الأمة أن تعلن الحب الصادق للنبي صلى الله عليه وسلم فلتحكم شريعته، أما أن تتغنى بالكلمات والمحاضرات والعبارات والسهرات الحافلة الماجنة، فهذا حب كاذب، كما قال الشاعر: من يدعي حب النبي ولم يفد من هديه فسفاهة وهراء فالحب أول شرطه وفروضه إن كان صدقاً طاعة ووفاء