إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، أدى الأمانة، وبلغ الرسالة، ونصح للأمة؛ فكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين.
فاللهم اجزه عنا خير ما جزيت نبياً عن أمته، ورسولاً عن دعوته ورسالته، وصل اللهم وسلم وزد وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه، واستن بسنته، واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أما بعد: فحياكم الله جميعاً أيها الأحبة الكرام! وطبتم وطاب ممشاكم، وتبوأتم من الجنة منزلاً، وأسأل الله العظيم الكريم جل وعلا الذي جمعني وإياكم في هذا الجمع الطيب المبارك على طاعته أن يجمعني وإياكم في الآخرة مع سيد الدعاة المصطفى في جنته ودار كرامته؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أحبتي في الله! (صفحات سود من تاريخ يهود) هذا هو عنوان لقائنا هذا، وسوف ينتظم حديثنا تحت هذا العنوان في العناصر التالية: أولاً: اليهود ومراحل الصراع.
ثانياً: أسئلة مريرة.
وأخيراً: ما السبيل؟! فأعيروني القلوب والأسماع جيداً؛ فإن هذا الموضوع من الأهمية بمكان.
أولاً: اليهود ومراحل الصراع.
أيها الأحبة في الله! إن الصراع بين الحق والباطل صراع قديم بقدم الحياة على ظهر هذه الأرض، والأيام دُول، كما قال الله جل وعلا:{وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}[آل عمران:١٤٠].
ولا شك أننا نعيش الآن مرحلة الدولة فيها للباطل وأهله، وقد كان لهم هذا يوم أن انشغل عن الحق أهله؛ حيث تمكن أنجس وأحقر وأذل أمم الأرض من أبناء اليهود من إقامة دولتهم اللعينة الحقيرة على الثرى الطاهر في الأرض المباركة، وسيطروا على مسرى الحبيب محمد، وحرقوا منبر صلاح الدين، بل وهم يقومون الآن بحفريات خطيرة تحت المسجد الأقصى لهدمه وتدميره وإقامة ما يسمونه بالهيكل المزعوم!! وقد صرح أكبر حاخاماتهم في القدس بأنه لابد من هدم المسجد الأقصى؛ لإقامة ما يسمونه بالهيكل المزعوم، ثم قال: إن العرب سيغضبون أول الأمر، ولكن الأمر سيصبح عادياً بعد ذلك!! ورئيس الوزراء نتنياهو يصرح بمنتهى الوضوح ويقول: لا مجال الآن للحديث عن تقسيم القدس؛ فإن القدس عاصمة موحدة لإسرائيل!! يعلن بذلك الهوية اليهودية بمنتهى الصراحة والوضوح؛ في الوقت الذي لا زال فيه الكثيرون ممن ينتسبون لهذا الدين يجهلون هذه الطبيعة اليهودية أو يتجاهلونها على حد سواء.