[من لطيف ما حدث للنبي صلى الله عليه وسلم في طريق مكة]
ومن الطرائف العجيبة واللطائف الجميلة التي حدثت للنبي في طريقه ما يلي: لقي النبي في الطريق إلى مكة عمه وابن عمه وابن عمته مسلمين لله جل وعلا، لقيه في الطريق عمه العباس بأهله وعياله مهاجراً مسلماً لله جل وعلا، ففرح النبي بعمه العباس فرحاً شديداً، ولقيه ابن عمه أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم، وهو يختلف عن أبي سفيان صخر بن حرب زعيم قريش وقائدهم في غزوة أحد والخندق؛ حتى لا يحدث لبس كما سنرى بعد ذلك لقيه ابن عمه أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم، ولقيه ابن عمته عبد الله بن أبي أمية، فأعرض عنهما النبي عليه الصلاة والسلام لشدة ما لقي منهما من الأذى، ومرير ولاذع الهجاء في مكة المكرمة.
فقالت أم سلمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله! لا يكن ابن عمك وابن عمتك أشقى الناس بك.
إلا أن النبي قد أعرض عنهما صلى الله عليه وسلم، فذهب أبو سفيان بن الحارث إلى علي بن أبي طالب واستشاره ماذا يفعل؟ والله ما جاء إلا مسلماً، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض عنه أتدرون ماذا قال علي الذكي العبقري؟ قال له: يا أبا سفيان! اذهب إلى رسول الله من قبل وجهه، من بين يديه، وقل له ما قال إخوة يوسف ليوسف:{تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ}[يوسف:٩١] فإن رسول الله لا يقبل أن يكون أحد أحسن منه قولاً، وأخذ أبو سفيان النصيحة الغالية من علي رضي الله عنه، وانطلق مسرعاً إلى رسول الله بين يديه من قبل وجهه، وقال: تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين، فنظر إليه النبي قائلاً:(لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين) والحديث رواه ابن جرير الطبري، ورواه الحاكم في المستدرك وقال: صحيح على شرط الشيخين، وأقره الإمام الذهبي، إلا أن الحديث حسن.