أيها الأحباب! ثم يأتي بعد ذلك: الخوف من عذاب الله في الآخرة، ومن منا يقوى على نار الدنيا؟ والله لا يقوى واحد منا على نار قليلة من نار الدنيا.
عباد الله! هل تعلمون أن هذه النار التي إذا اشتعلت في بئر من آبار بترول، أو دمرت مصنعاً من المصانع، أو أحرقت مزرعة من المزارع، أو أبادت مدينة من المدن، ما هذه النار إلا جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم؟! (ناركم هذه التي توقدون هي جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم، قالوا: يا رسول الله! والله إن كانت لكافية، قال: ولكنها فضلت على نار الدنيا بتسعة وستين جزءاً كلها مثل حرها).
ففي الصحيحين من حديث النعمان، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إن أهون أهل النار عذاباً لرجل توضع في أخمص قدميه جمرتان من نار، فيغلي منهما دماغه، ما يرى أن أحداً أشد منه عذاباً، وإنه لأهون أهل النار عذاباً).
الخوف من عذاب الله في الآخرة مزق قلوب الصادقين العارفين، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول:(تحاجت الجنة والنار فقالت النار: يا رب! أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين، وقالت الجنة: يا رب! مالي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم، فقال الله عز وجل للنار: يا نار! أنت عذابي أعذب بك من أشاء من عبادي، وقال للجنة: يا جنة! أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي).
فهيا أيها الأحبة الكرام! هيا إلى الجنة، هيا إلى العمل من أجل الفوز بالجنة، فإن الجنة -ورب الكعبة- فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
أيها الأحباب! وبعدما رهبت هأنذا أرغب، وبعدما خوفت هأنذا أذكر بأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي تفتح لمثلي أبواب الرجاء في التوبة والأوبة إلى رب الأرض والسماء، وأرجئ الحديث عن الرجاء إلى ما بعد جلسة الاستراحة، وأقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم.