[من مداخل الشيطان: البدعة]
يا إلهي! إن الباب الذي يلي باب الشرك بالله باب البدع، فلا تستهينوا بأمر البدع، فإن البدع أحب إلى الشيطان من الفسوق والمعاصي، إن البدعة خطرها عظيم، وضررها جسيم.
فيا أصحاب البدع! يا من تحبون البدع! يا أصحاب الخطط الخمسية والسنوية والشهرية! يا من تخططون لأمور الدنيا ولا تبحثون عن أمر الدين! يا من تبحثون عن أعمالكم إذا ما كانت منتسبة أو متصلة بالدين! ابحثوا عنها، هل أنتم متبعون فيها لشرع النبي صلى الله عليه وسلم، أم أنتم موافقون لهوى الشيطان وشرعه؟ إن البدع أحب إلى الشيطان من الفسوق والمعاصي، لماذا؟ لأن المبتدع مكذب بالقرآن، والبدعة: هي كل شيء مستحدث في الدين، حتى لا يقول البعض متهشماً وساخراً من إخواني الذين كلمونا عن السنن والبدع، قالوا: إذا كان الأمر كذلك فمنبر الرسول لم يكن فيه مروحة، هكذا سخر بعض الناس واستهزأ بعض المسلمين بالسنن، وظنوا أن أمرها هين، أقول: أن البدعة أمر مستحدث في الدين، لم يقل الرسول لنا: لا تركبوا الطائرات ولا السيارات، كلا، وإنما قال الله جل وعلا: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ} [الرحمن:٣٣] قال العلماء: إنه سلطان العلم، لا معنى لمن قال: بأن معنى البدعة هو: أن نقف لا نخترع ولا نبتكر، ليس هذا هو المقصود، وليست هذه هي البدعة، إنما البدعة أمرٌ مستحدث في الدين؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما مات إلا بعد أن بين لنا هذا الدين ووضحه لنا، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، فإن البدعة أمر مستحدث في الدين لم يكن على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة رضي الله عنهم.
إذاً: فالمبتدع الذي يأتي بجديد من عند نفسه أو من عند شياطين إنسه وجنه نقول: قال الله قال رسول الله، فيرد علينا أهل البدع ويقولون: قال فلان عالم الأزهر، إنا لله وإنا إليه راجعون! أقول: قال الله قال رسول الله وأنت تقول: قال فلان عالم الأزهر، والله الذي لا إله غيره، لا قول بعد قول الله ولا قول بعد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، مهما طالت عمامته، والله ولو كانت عمامته بحجم صحن هذا المسجد لا قول له بعد قول الله ولا فتوى له مع فتوى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورحمة الله على الإمام ابن القيم حيث قال:
إن قلت قال الله قال رسوله همزوك همز المنكر المتغالي
أو قلت قد قال الصحابة والألى تبع لهم في القول والأعمال
أو قلت قال الشافعي وأحمد وأبو حنيفة والإمام العالي
صدوا عن وحي الإله ودينه واحتالوا على حرام الله بالإحلال
يا أمة لعبت بدين نبيها كتلاعب الصبيان في الأوحال
حاشا رسول الله يحكم بالهوى والجهل تلك حكومة الضلال
يا أصحاب البدع! يا من تغنون وترقصون للبدع! يا من تبكون وتندبون! يا من تصرخون! يا من تفزعون! اعلموا علم اليقين أن الله جل وعلا لا يقبل التوبة من صاحب بدعةٍ حتى يترك بدعته ويدعها، إن البدعة أحبُ إلى الشيطان من المعصية، وإنها الباب الذي يلي باب الشرك بالله والعياذ بالله! فيا من تهونون البدع! اتقوا الله جل وعلا.
يا من تشنون الحروب والفتن وتعلنون العداوات على أهل وأصحاب السنن! إني أعجب لحالكم أنتم أهل الباطل تصرون على باطلكم! لماذا هذا الإصرار على البدع؟! لم هذا الإصرار على الباطل؟! يا صاحب البدعة اعلم أنك متهم لرسول الله بالنقص! يا صاحب البدعة اعلم أنك مكذب بقول الله جل وعلا: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً} [المائدة:٣]! يا صاحب البدعة أنت متهم للرسول صلى الله عليه وسلم؛ لا تظنوا أننا أحرص على الدين من رسول الله، لا تظنوا أننا أحب للدين من صحابة رسول الله، كلا والله وألف كلا، فما لم يكن ديناً على عهد الرسول والصحابة فلن يكون ديناً في هذا الزمان، وفي هذه الأيام التي تجرأنا وتبجحنا فيها على شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فاعلموا علم اليقين وأُشهد الله جل وعلا أني قد بلغت، اللهم فاشهد يا رب العالمين! أُشهد الله جل وعلا أني قد حذرت من البدع، وإن البدعة أحب إلى الشيطان من المعصية، بل إنها الباب الذي يلي باب الشرك بالله، إذا عجز الشيطان عن أن يشرك العبد بالله دخل إليه من الباب التالي مباشرةً إنه باب البدع.