[منزلة الإمامة والأئمة عند الشيعة والرافضة]
بل وستعجبون إذا ذكرت لكم بأن منزلة الإمامة عند الشيعة قد تجاوزت منزلة النبوة، ويكفي أن تقف فقط -بإيجاز شديد جداً- مع بعض عناوين الأبواب في كتاب (الكافي) أو (البحار) للمجلسي، أو في كتاب (الشيعة وأصولها)، أو (البرهان) كتفسير من التفاسير أو في أي مرجع من مراجعهم؛ لتقف على أن الإمامة عندهم إنما هي في منزلة أعلى من منزلة النبوة، وتدبر معي بعض هذه العناوين من كتاب (البحار) للمجلسي: يقول في فضائل الأئمة: باب: أنهم أعلم من الأنبياء عليهم السلام، وروى في هذا الباب ثلاثة عشر حديثاً.
وفيه: باب بعنوان: تفضيل الأئمة على الأنبياء وعلى جميع الخلق.
وفيه: باب: أن دعاء الأنبياء استجيب بالتوسل والاستشفاع بالأئمة.
يعني: ما استجاب الله دعاء الأنبياء إلا لأن الأنبياء توسلوا واستشفعوا إلى الله بالأئمة.
وفيه: باب: أنهم يقدرون على إحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص، وجميع معجزات الأنبياء.
وفيه: باب: أنهم لا يحجب عنهم علم السماء والأرض، والجنة والنار، وأنه عرض عليهم ملكوت السماوات والأرض، ويعلمون علم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة، وروى في هذا الباب اثنين وعشرين حديثاً.
وفيه: باب: أنهم يعرفون الناس بحقيقة الإيمان وحقيقة النفاق، وعندهم -أي: عند الأئمة- كتاب فيه أسماء أهل الجنة، وأسماء شيعتهم وأعدائهم، وروى في هذا الباب أربعين حديثاً.
وفيه: باب: أن الأئمة إذا شاءوا أن يعلموا علموا.
وفيه: باب: أن الأئمة يعلمون متى يموتون، وأنهم لا يموتون إلا باختيار منهم.
وفيه: باب: أنهم لا يحجب عنهم شيء من أحوال شيعتهم، وما تحتاج إليه الأمة من جميع العلوم، وأنهم يعلمون ما يصيبهم من البلايا، ويصبرون عليها، ولو دعوا الله في دفعها لأجيبوا، وأنهم يعلمون ما في الضمائر، وعلم المنايا والبلايا، وفصل الخطاب والمواليد، وذكر في هذا الباب ثلاثة وأربعين حديثاً.
هذا نقلاً عن (البحار) للمجلسي المجلد رقم (٢٦) ابتداء من (ص:١٣٧ إلى ١٥٣)، وهذا كله عناوين أبواب، ولو سردت بعض الأحاديث المروية تحت هذه الأبواب لسمعتم العجب العجاب، ويكفي فقط أن نقف مع رءوس هذه العناوين، وأختم بهذا الباب الذي يقول فيه: إن عند الأئمة اسم الله الأعظم، وبه -أي: بهذا الاسم- يظهر منهم الغرائب.
هذه أمثلة لما يصفون به أئمتهم، وهي دعاوى في غاية الغرابة، وتحتاج إلى رجل صاحب عقل فقط؛ ليقف على بطلانها وعلى ضلالها، فهم يخرجون الأئمة -بمثل هذه الروايات والنصوص- من منزلة البشرية إلى منزلة النبوة، بل إلى مرتبة الألوهية، فهم يدعون أنهم يعلمون ما في الغيب، ويعلمون مكنون الضمائر، بل ويعلمون ما تحتاج إليه الأمة، بل ويعلمون ما في قلوب الناس، فيعلمون أن هذا مؤمن وأن هذا منافق، وهذا كله علم خاص بالله، لأنه متعلق بألوهية الرب، فلا يعلم الغيب إلا الله، بل لقد ذكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى فقال: إن رءوس الطواغيت في الأرض خمسة -ومعلوم أن الطاغوت صيغة مشتقة من الطغيان، فالطاغوت هو: كل ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع- منها: الشيطان، وهو الطاغوت الأكبر الذي زين للناس عبادة الطاغوت من دون الله جل وعلا، وما بعث الله نبياً ولا رسولاً إلا وقد أمر هذا النبي والرسول قومه أول ما أمر أن يكفروا بالطاغوت ويؤمنوا بالله؛ إذ لا يصح إيمان إلا بالكفر بالطاغوت ابتداء، ثم بعد ذلك بالإيمان بالله جل وعلا، فقدم الله الكفر بالطاغوت على الإيمان به سبحانه، فقال: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة:٢٥٦].
ثم قال: ثم الحاكم المغير المبدل لشرع الله، ثم الذي يحكم بغير ما أنزل الله وهو يعلم، ثم الذي يدعي علم الغيب من دون الله جل وعلا، فمن ادعى علم الغيب من دون الله فهو طاغوت من الطواغيت، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم! فهم يخرجون الأئمة بمثل هذه الروايات والنصوص من مرتبة الإمامة ومرتبة النبوة إلى مرتبة لا يمكن أبداً أن تنسب مثل هذه المرتبة إلا لله تبارك وتعالى، وهذه الروايات هي -في الحقيقة- الأرضية والقاعدة والمنطلق للأفكار الباطنية المنتشرة الآن في الأرض، وهذه الدعاوى الخطيرة باب للزندقة والإلحاد، إذ لم يقلها نبي مرسل ولا ملك مقرب، وهي محاربة لله جل وعلا ولرسوله ولكتابه ولدينه وللمسلمين.