ومن هؤلاء الذين انخدع بهم كثيرٌ من الشباب وكثيرٌ من المسلمين من قادة هذه الأمة: رفاعة رافع الطهطاوي، هذا الذي أعدت له المسلسلات، وأعدت له الكتب، وقررت سيرته على الشباب وعلى الطلبة والطالبات، هذا هو رفاعة رافع الطهطاوي يقول بالحرف الواحد في كتابه الشهير: تخليص الإبريز في تلخيص باريس: إن السفور والاختلاط بين الجنسين -أي: بين الرجل والمرأة- ليس داعياً من دواعي الفساد، وإن الرقص -انتبهوا واسمعوا التطور اسمعوا التحرر اسمعوا المدنية اسمعوا التقدمية اسمعوا الفسق تحت ستار التطور والتحرر، والمدنية السوداء، أباحوا العربدة، وأباحوا الفسق والفجور- يقول الطهطاوي: وإن الرقص على الطريقة الأوروبية -وأنتم تعلمون كيفية الرقص على الطريقة الأوروبية، أن يأخذ الديوث زوجة ديوث آخر، وهي مع زوجٍ آخر، وأن يتراقصا، يضع يده حول خصرها، ويضع خده على خدها، ومعذرة لهذه الألفاظ، لكن حتى يتضح الأمر لمن يعلم ولمن لا يعلم- يقول: إن السفور والاختلاط بين الجنسين ليس داعياً من دواعي الفساد، وإن الرقص على الطريقة الأوروبية ليس من الفسق -أسمعتم بهذا في آبائكم الأولين؟ - وإن الرقص على الطريقة الأوروبية ليس من الفسق، وأنه لا يخرج عن قوانين الحياء.
إذاً فأي حياء هذا الذي تريدون وإن كان الرقص على الطريقة الأوروبية لا يخرج عن قوانين الحياء؟ ومنهم أيضاً: نرقص فهمي الذي نادى في كتابه الذي أسماه: المرأة في الشرق، الذي نادى فيه بعدم الحجاب، ونادى فيه بالاختلاط السافر بين الجنسين.
ومنهم أيضاً: هؤلاء الذين صنعهم الاستعمار بيديه، وأبقاهم شوكةً في صدور المسلمين، وشوكة في صدر الإسلام: قاسم أمين الذي نادى في كتابه: تحرير المرأة، برفع الحجاب، ونادى فيه بالاختلاط، والسفور.
ومنهم أيضاً: هدى شعراوي، عندما رجعت إلى الإسكندرية بعد سفرها إلى باريس أول مرة، وتدخل إلى أرض مصر مع صديقتها شيزنبراوي، هذه الصديقة الملحدة الفاجرة الكافرة، يوم أن دخلت معها هدى شعراوي إلى أرض مصر فخلعت النقاب عن وجهها، وكانت لأول مرة تتجرأ امرأة على أن تخلع النقاب، وبعدها خلعت صفية زغلول النقاب عن وجهها، وغير هؤلاء، وهؤلاء هم الذين جعلهم الاستعمار شوكة في صدر الإسلام والمسلمين، ولقبهم بالمبددين، والمحررين والمطورين، فاعرفوا تاريخكم، وافهموا إسلامكم، واعرفوا دينكم لتميزوا الخبيث من الطيب، ولتعرفوا العدو من الصديق! وفي النهاية وأخيراً وليس بأخير: يتمخض الجبل فيلد فاراً، هذا الذي ظهر علينا في الأسبوع الماضي، وهذا الذي ينتسب زوراً وبهتاناً، وأما من قدم أو من أغرى الناس بعلمه، لا أقول: إنه يساويه في الوزر والإثم، هذا الذي فتح له صفحات الجرائد، وفتح له جريدته على مصراعيها ليقول بالخط العريض، والممشط الكبير: تذكير الأصحاب بتحريم النقاب، لا إله إلا الله! تمخض الجبل فولد فأراً، هل هذا هو اختراعك؟ هل هذا هو ابتكارك يا صاحب العقل؟ هل هذا هو اختراعك يا صاحب الاختراع؟ هل حلت جميع مشاكلنا ولم تبق إلا مشكلة النقاب؟ لقد سقطت ذبابة على نخلة -نخلة البلح- فلما أرادت الذبابة أن تنصرف قالت الذبابة للنخلة: تماسكي أيتها النخلة فإني راحلةٌ عنك، أمر عجيب! الذبابة تقول للنخلة العملاقة: تماسكي أيتها النخلة فإني راحلةٌ عنك، فردت عليها النخلة العملاقة وقالت لها: انصرفي أيتها الذبابة الحقيرة، فهل أحسست بك حينما سقطت علي لأستعد لك وأنت راحلة عنيز قل ما شئت، وليقل الحاقدون ما شاءوا، فوالله الذي لا إله غيره، لا يضر السماء نبح الكلاب، ولا أنين الذئاب، والله لو اجتمع أهل الأرض على أن يطفئوا نور الله ما استطاعوا، والله ما استطاعوا، وسيعلو صوت الحق في كل زمانٍ وفي كل مكان، {وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}[التوبة:٣٢] ولو كره المشركون، ولو كره الحاقدون، ولو كره المنافقون الذين يأبى الله جل وعلا إلا أن يظهر نفاقهم، ويظهر حقدهم على صفحات وجوههم، وعلى صفحات جرائدهم، وفي زلات ألسنتهم، ليميز الله الخبيث من الطيب، ولنعرف نحن الموحدين العدو من الصديق.
إن النقاب حرام؟! ليتك قلت: إن التبرج حرام، وليتك قلت: إن العري حرام، أو قلت: إن السفور حرام، أو إن الربا حرام، أو إن الخمر حرام، أو إن الزنا حرام، أو ليتك قلت: إن (كبريهات) شارع الهرم حرام، أو إن البنوك وفوائدها من الربا حرام، وليتك قلت: إن سلب الحريات حرام، أو: إن تكميم الأفواه حرام، أو ليتك قلت: إن الزنا حرام، أو إن قتل الأبرياء من الأطفال والشيوخ والنساء على أرض فلسطين الذبيحة حرام، ليتك قلت: إن اجتماع الغرب بأسره على الإسلام حرام، أو ليتك قلت: إن حملات التبشير والتنصير والعداء للإسلام حرام، ليتك قلت ذلك، هل انتهيت من كل ذلك أيها العبقري أيها الدكتور لتترك كل ذلك وتقول: إن النقاب حرام؟! هل حُلت جميع مشاكل مصر؟! وهل حُلت جميع مشاكل الشباب؟ وهل حُلت جميع مشاكل النساء والفتيات ولم يبق لنا إلا مشكلة النقاب لنتبارى فيها بنار الشهوات والشبهات لنضل الناس بغير علم؟! ولقد كنت أعددت لكم الأدلة من الكتاب والسنة على وجوب النقاب عند كثيرٍ من أهل العلم، ولكنني أرى الوقت لا يتسع، فالموضوع كاملاً يحتاج منا إلى جمعة كاملة لنعلم أن هؤلاء ما تحركوا بهذه الفتاوى إلا من منطلق الهوى، وفتن الشبهات والشهوات.