للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مريم بنت عمران ومفاجأة الملك]

وفي يوم من الأيام خلت مريم بنت عمران بنفسها لقضاء شأن من شئون الأنثى الخاصة، وفجأة! تفاجأ بمفاجئة عنيفة تهز فؤادها هزّاً، يا الله ما هذا؟! إنه بشر سوي في خلوة مريم العذراء الطاهرة البتول، ولك أن تتصور امرأة ترعرعت في بستان الحياء تقضي شأناً من شئونها الخاصة، فتفاجأ برجل سوي يقتحم عليها خلوتها -وأرجو أن لا تختلط الصور في ذهنك، في أن تقارن هذه العذراء بنساء هذا الزمان إلا من رحم ربك؛ لتكون المقارنة عادلة منصفة- يهتز فؤادها، إنه بشر سوي، وسرعان ما لجأت إلى الله العلي فقالت: {إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنتَ تَقِيًّا} [مريم:١٨] أي: إن كنت ممن يتقي الله ويخشى الله عز وجل.

وقالت: (إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ) لتستجلب الرحمة في قلبه، فتفاجأ البتول الطاهرة بمفاجئة أعلى، حينما يرد عليها هذا البشر السوي ليقول لها: لا تخافي ولا تحزني {إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا} [مريم:١٩]، قالت مريم التي تعلم سبيلاً واحداً للإنجاب والذرية، وهو أن يلتقي الرجل بزوجه {قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا} [مريم:٢٠]، أي: لم أتزوج ولم أعرف سبيل الزنا أو سبيل البغاء، وهنا يأتي الرد الحاسم القاطع على لسان هذا الملك الكريم: {قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا} [مريم:٢١].