الناس ينقسمون الآن إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول: قسم ناصر لله ولرسوله ولدينه -اللهم اجعلنا منهم بمنك وكرمك- قسم يعيش لربه، هو يأكل ويشرب ويستمتع بالحلال، لكنه يحمل هم الآخرة، يعيش من أجل الدين، الدعوة إلى الله هي همه في الليل والنهار، هي شغله في النوم واليقظة، هي فكره في السر والعلن يخطط لها ويفكر يحمل هم دينه ودعوته ينصر دين الله بكل ما يسره الله له من سبيل، فهو في وظيفته يدعو لدين الله، وهو في الشارع يدعو لدين الله، وهو في مصنعه وعيادته ومدرسته يجدد في الأرض بين الناس دين الله، وهو في بيته يذكر أسرته وأولاده ونساءه وبناته بدين الله، رجل ينصر دين الله ويعيش لله، ومن أجل الله تبارك وتعالى، هؤلاء هم القلة المباركة عند الله قال تعالى:{وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ}[هود:٤٠]، وقال تعالى:{وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}[سبأ:١٣]، وقال تعالى:{إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ}[ص:٢٤]، هؤلاء هم أولياء الله، هم أهل الجنة، وهم أهل الغربة الذين زكاهم نبيهم صلى الله عليه وسلم بقوله كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة:(بدأ الإسلام غريباً، وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء).
القسم الثاني: القسم المقابل، هو القسم الذي كفر بالله، وجحد ربه تبارك وتعالى، لا يعرف ربه، ولا يعرف نبيه، بل يعيش كالأنعام -معذرة! - بل إن الأنعام عند الله أفضل من هؤلاء بنص القرآن، قال الله تعالى:{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}[الأعراف:١٧٩]، وقال تعالى:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ}[محمد:١٢]، هؤلاء بتقدير الحكيم العليم الخبير: هم الكثرة، وهذا أمر ثابت قدراً، ودل على وقوعه الشرع أيضاً، قال تعالى:{وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ}[يوسف:١٠٦]، وقال تعالى:{وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}[الأنعام:١١٦]، وقال تعالى:{فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا}[الإسراء:٨٩].
القسم الثالث: صنف بين هذين الصنفين، صنف يعيش من أجل شهواته الرخيصة، ونزواته الحقيرة، فهو منتسب إلى الإسلام ببطاقة شخصية رسمية: أحمد محمد عبد الله عبد الرحمن إلخ، لكنه لم يحقق انتماءه لهذا الدين، يعيش من أجل شهواته الرخيصة، ونزواته الحقيرة، لا ينصر ديناً، وهو في الوقت ذاته لا ينصر شركاً ولا كفراً، لكنه سلبي، يقول: وما دوري أنا؟! وماذا أصنع أنا؟! دع ما لقيصر لقيصر، وما لله لله! بل ومن هذا الصنف المريض من يقول: دع ما لله لـ بوش.
لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي ولو ناراً نفخت بها أضاءت ولكن أنت تنفخ في رمادِ عش عصرك، انشغل بأولادك ووظيفتك، ودعك من الدين وانفض يديك من نصرة الإسلام! صنف خاذل لدين الله، وإن كان في ذات الوقت لا ينصر كفراً ولا أعداء الله، لكنه سلبي، وهذا الصنف على خطر عظيم، ويخشى على أفراده أن يختم لهم بسوء الخاتمة، فمن عاش على شيء مات عليه، ومن مات على شيء بعث عليه، قال الحافظ ابن كثير: لقد أجرى الله الكريم عادته بكرمه: أن من عاش على شيء مات عليه، ومن مات على شيء بعث عليه، فمن عاش لشهواته ونزواته الحقيرة الرخيصة، عاش ليأكل ملء بطنه، عاش ليضحك ملء فمه، عاش لينام ملء عينيه، لا يحمل هم دين، ولا يحمل هم دعوة، عاش من أجل أسرته، عاش من أجل أولاده، عاش من أجل شهواته، سيموت فقيراً ورب الكعبة! وسيحشر حقيراً صغيرا، ً قال صلى الله عليه وسلم كما في سنن الترمذي بسند صحيح من حديث أنس:(من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه، وجمع عليه شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همه، جعل الله فقره بين عينيه، وفرق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له).
فكن رجلاً، وكن صاحب همة عالية، وسلم الراية لولدك وأنت رجل، وسلم العقيدة الصحيحة لولدك وأنت قائم بين يدي الله جل جلاله، قال الله لحبيبه:{يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنذِرْ}[المدثر:٢١]، فقام الحبيب ولم يذق طعم الراحة حتى لقي الله، يا من خذلت دين الله! أتحب أعداء الحبيب وتدعي حباً له ما ذاك بالإمكان وكذا تعادي جاهداً أحبابه أين المحبة يا أخا الشيطانِ شرط المحبة أن توافق من تحـ ـب على محبته بلا نقصانِ فإن أدعيت له المحبة مع خلافك ما يحب فأنت ذو بطلانِ وقال آخر: نعم لو صدقت الله فيما زعمته لعاديت من بالله وحيك يكفر وواليت أهل الحق سراً وجهرة ولما تعاديهم وللكفر تنصر فما كل من قد قال ما قلت مسلم ولكن بأشراط هناك تذكر مباينة الكفار في كل موطن بذا جاءنا النص الصحيح المقرر وتصدع بالتوحيد بين ظهورهم وتدعوهم سراً لذاك وتجهر هذا هو الدين الحنيفي والهدى وملة إبراهيم لو كنت تشعر