[أمتنا لا تحتاج إلا إلى اليقين]
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وعلى كل من اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
وبعد: وأخيراً أيها الأحبة الكرام! فإن أمتنا لا تحتاج إلا إلى اليقين، فأمتنا تملك العدد والعدة والعمق الاستراتيجي المذهل، والأموال والثروات الطائلة، وتملك العقول المفكرة، والأدمغة المبدعة، لكن الأمة لا ينقصها إلا اليقين، لا تحتاج الأمة الآن إلا إلى اليقين في الله سبحانه.
لو امتلكت اليقين لرأيت العجب العجاب! ولو تعاملت مع ربك سبحانه وتعالى باليقين في خبره وخبر رسوله صلى الله عليه وسلم لعشت ورب الكعبة الحياة الطيبة التي أخبر عنها ربنا جل وعلا، ولقلت بيقين: إن كان أهل الجنة في مثل ما أنا فيه فوالله إنهم لفي عيش طيب.
ما أحلى العيش في بستان اليقين، ما أحلى أن تتعامل مع ربك ثم مع الخلق من الكفار والمسلمين بلغة اليقين، الأمة الآن تحتاج بحق إلى اليقين، وها نحن قد رأينا -وشاء الله أن نرى على أرض فلسطين- أطفالاً يعلمون الأمة في الشرق والغرب، بل ويعلمون العالم طعم اليقين وحلاوة اليقين، لقد رأيت بعيني في الأرض المباركة في حرب فلسطين أماً مسلمة تحمل على ذراعها الأيسر طفلها الرضيع وتنحني على الأرض لتلتقط الحجارة فتدفعها إلى ولدها وهو في السابعة من العمر، وأمام الصبي دبابة يهودية أمريكية لا تبتعد عنه إلا عشرة أمتار ليقذف الدبابة بالحجر! آه يا مسلمون متنا قروناً والمحاق الأعمى يليه محاق أي شيء في عالم الغد نحن آدميون أم نعاج نساق نحن لحم للوحش والصيد منا الجثث الحمر والدم الدفاق وعلى المحصنات تبكي البواكي يا لعرض الإسلام كيف يراق قد هوينا لما هوت وأعدوا وأعدوا من الردى ترياق واقتلعنا الإيمان فاسودت الدنـ ـيا علينا واسودت الأعماق وإذا الجذر مات في باطن الأر ض تموت الأغصان والأوراق ما حرك هذه الأم إلا اليقين، ما حرك هذا الطفل المبارك على الأرض المقدسة إلا اليقين، وما أمسكوا بهذا اليقين إلا يوم أن قطعوا كل العلاقة بأهل الأرض، نعم.
قطعوا اليقين في أهل الأرض، علموا يقيناً أن الشرق والغرب بل والعالم الإسلامي لن ينصرهم، فبيقين علقوا قلوبهم بالملك الحق.
فرأينا هذه الآيات والصور التي نراها كل يوم على أرض فلسطين، نرى أطفالاً يروون شجرة العز والكرامة بالدماء الطاهرة الزكية! إنه اليقين، نرى رجالاً، ونساءً، وأطفالاً، وبنات في عمر الزهور والورود يواجهون أعتى الأسلحة على وجه الأرض، ولم لا؟! إنها أسلحة صنعت في أمريكا، والكفر ملة واحدة، تلك الأسلحة الأمريكية التي تقتل الإسلام والمسلمين في فلسطين في أفغانستان في الشيشان في العراق في السودان في الصومال، في كل مكان، ونرى هؤلاء الأطفال والشيوخ والنساء يجسدون لنا اليقين في زمن تعطش لليقين، لنعلم أن القلب إن تجرد لله، ذهل عن أسباب الأرض، وتلعق برب السماء والأرض، رأينا العجب العجاب! لا تستكثروا! ففي مصر وعلى أرضها وترابها تجسد اليقين أيضاً، نعم.
والله الذي لا إله غيره لا أجامل بها مخلوقاً على وجه الأرض، هذه الأرض أيضاً أرض جسدت اليقين، كنت أقرأ بالأمس كتاباً عن ملحمة السويس للشيخ المبارك حافظ سلامة سلمه الله وحفظه، وقرأت العجب العجاب، حينما علمت أنه في يوم الثاني والعشرين من أكتوبر عام ثمانية وسبعين لما دخلت القوات اليهودية إلى مدينة السويس من خلال الثغرة المشئومة المعروفة، ووصلت إلى قلب شركة السويس لتصنيع البترول والتقطت لها الصور إلى جوار مستودعات البترول، ونشرت وكالات الأنباء العالمية هذه الصور المزرية، ووصل اليهود إلى قلب السويس، وخاطبوا المسئولين في المحافظة أن يسلموا المدينة وأن يرفعوا الأعلام البيضاء، وبالفعل رفعت الأعلام البيضاء، فقال هذا الرجل المجاهد البطل مع قلة من الجنود والضباط البواسل من جيشنا ومن المسلمين العاديين قالوا: لا، لن نسلم المدينة، وسوف نجاهد اليهود إلى آخر قطرة من دمائنا.
وسبحان ربي العظيم! هؤلاء البواسل بمجموعة من الأسلحة العادية كبدوا اليهود خسائر فادحة، حتى صرحت وكالات الأنباء بعد ثلاثة أيام فقط أن اليهود قد خسروا المعركة على أيدي رجال المقاومة الشعبية في مدينة السويس! على أيدي أهل مصر الأوفياء، ويقسم لي بالله الشيخ المبارك حفظه الله ويقول: والله لقد نفذ الماء، وتعرضنا للموت عطشاً، وقمنا في مجموعة كبيرة من الضباط والأفراد العاديين نتضرع إلى الله ونصلي صلاة الاستسقاء؛ ليرزقنا الله ماءً فكدنا أن نهلك من العطش، فيقسم بالله قائلاً: والله الذي لا إله غيره رأينا بدون مقدمات سفينة لا تزود السفن في قناة السويس إلا بالماء! رأينا صندداً من الماء قد كسر الرباط الذي له في المركب، وبدل أن يتجه مع التيار جاء هذا المركب عكس التيار، ووقف أمام هؤلاء الأطهار، فلما نزلنا فيه وجدناه سفينة مخصصة لتزويد السفن في القناة بالمياه! لا تستكثروا شيئاً على الله، فوالله لو صدقنا مع الله لرأينا العجب العجاب، فالأمة الآن ما تحتاج إلا إلى اليقين.
ولتلجأ إلى الله وسترى العجب العجاب، وستعلم يقيناً أنه لا تقدر قوة على وجه الأرض مهما كان عددها وعدتها وسلاحها أن تقف في وجه اليقين وأهله.
اللهم ارزقنا اليقين، اللهم ارزقنا اليقين، اللهم إني أسألك أن ترزق الأمة حلاوة اليقين بك، والثقة فيك والتوكل عليك، اللهم اشف صدور قوم مؤمنين بنصرة الإسلام وعز الموحدين، اللهم انصر المسلمين في فلسطين، وانصر المسلمين في أفغانستان، وانصر المسلمين في الشيشان، وانصر المسلمين في العراق، وانصر المسلمين في السودان، واحفظ المسلمين في العراق، واحفظ المسلمين في السودان، واحفظ المسلمين في كشمير، واحفظ المسلمين في الفلبين، اللهم احفظ المسلمين في كل مكان.
اللهم إني أسألك أن تجعل مصر واحة للأمن والأمان، يا رب! أسبغ على مصر ثوب الأمن والأمان، اللهم اجعل مصر سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين، اللهم ارفع الغلاء والوباء، يا رب! استر نساءنا واحفظ بناتنا، اللهم استر نساءنا، واحفظ بناتنا، ورب أولادنا.
ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين، واجعلنا للمتقين إماماً، اللهم ارحم موتانا وموتى المسلمين، واشف مرضانا ومرضى المسلمين، اللهم اشف مرضانا ومرضى المسلمين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.