أما البشارة الثالثة يا عباد الله يا أهل التوحيد ويا أهل الإيمان والإسلام البشارة الثالثة من سورة النور، يقول الله جل وعلا:{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}[النور:٥٥] إيمان وعمل صالح، هذا هو الشرط، فما هو جواب هذا الشرط أيها الأحباب؟ {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً}[النور:٥٥] وعد الله قائم: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}[النور:٥٥] فأين أهل الإيمان، وأين أهل العمل الصالح؟ إن وجد أهل الإيمان ووجد أهل العمل الصالح فأبشروا بوعد الله جل وعلا، فما هو هذا الوعد؟ {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ}[النور:٥٥] تحقق وعد الله أم لم يتحقق؟ تحقق والله مرة في عهد الحبيب صلى الله عليه وسلم، وفي عهد الرعيل الأول الذين حملوا راية الإسلام خفاقة بمنتهى العزة والرفعة، حملوه وانطلقوا في ربوع الأرض بعزة أهل الإيمان، وثقة أهل الإسلام، بأيديهم اليمنى كتاب الله ودين الله جل وعلا، وبالأخرى سيف ورمح، يدعون إلى دين الله عز وجل، وليفرضوا دين الله على وجه كل من أبى، وعلى كل من وقف ليصد الناس عن الدخول في دين الله عز وجل.
انطلق بعزة أهل الإيمان وقالها ربعي لـ رستم:[نحن قوم ابتعثنا الله] لماذا؟ ابتعثنا الله لبناء العمارات، وركوب أفخم السيارات، وأكل ما لذ وطاب من الطعام والشراب، وقضاء الأوقات أمام المسلسلات الفاجرة والأفلام الداعرة، وقضاء الأوقات أمام المباريات وصرخات وقتالات، وحروب على هذا الهراء؟! لا.
[نحن قوم ابتعثنا الله لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة] يوم أن فهموا ذلك وانطلقوا بهذا الفهم دانت لهم أرجاء المعمورة، حتى وصلت حدود الدولة الإسلامية إلى أقصى المشرق والمغرب، وأُذل كسرى وأُهين قيصر، تحقق وعد الله جعل وعلا {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ}[النور:٥٥] وسيظل الحال هكذا إن هم عبدوني وحدي ولم يشركوا بي شيئاً.