للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الذنوب والمعاصي سبب هلاك الأمم]

ثم انظر -يا أخي- إلى الأمم السابقة الظالمة الجائرة المذنبة العاصية ماذا صنع الله بها؛ لأننا دائماً ننسى، فماذا صنع الله بعاد الأولى؟ قال تعالى: {وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ * سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} [الحاقة:٦ - ٧]، والله جل وعلا يسأل حبيبه فيقول: {فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ} [الحاقة:٨] أي: هل تروا لهؤلاء الظالمين الأولين من باقية؟ قال الله جل وعلا: {فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً} [فصلت:١٥] وهذه هي الكلمة الثانية التي ترددها عاد، {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً} [فصلت:١٥] أم لا زال عندك شك فيه؟ والله إن كثيراً من المسلمين عندهم شك في هذه المسألة إلا من رحم ربك، فبالمقارنة إلى قوة الملك تضعف كل القوى، بل تزول، فلنملأ قلوبنا بالثقة به سبحانه.

والله إن ما يعنيني في كل محاضرة هو أن تملأ القلوب بالثقة بالله بإجلال الله بعظمة الله بقدرة الله بهيبة الله بالتعرف على أسمائه الحسنى وصفاته العلا بالتعرف على اسم القوي القهار الجبار القدير العليم الخبير الحكيم، فاملأ قلبك بمعاني هذه الأسماء؛ لتعلم أن كل قوى الأرض ليست شيئاً يذكر أمام قوة رب السماء والأرض، قال عز وجل: {قُلْ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران:٢٦].