للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فضل الصلاة والقيام في شهر رمضان]

ثالثاً: رمضان شهر القيام، فلا تنشغل بالفوازير والمسلسلات والأفلام، ولكن انشغل بطاعة الرحيم الرحمن، ففي هذا الوقت من الليل يصلي المسلمون صلاة القيام، وصلاة التراويح، ومن السنة ألا تنصرف من صلاة التراويح حتى ينصرف الإمام من الصلاة، فلا تصل ركعتين وتنصرف لتتابع مسلسلاً أو فلماً من الأفلام، بل صبر نفسك على طاعة الله، فلقد مضى عمرك وقضيت الساعات الطوال أمام التلفاز قبل ذلك، فلا تضيع دقيقة في هذا الشهر، وكن في كل لحظة في طاعة لله، حتى وأنت في عملك انشغل بالأذكار، وانشغل بكلمة التوحيد، وانشغل بالصلاة على محرر العبيد، ولا تضيع دقيقة، وليكن لسانك رطباً في كل دقيقة بذكر الله عز وجل، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) فانظر إلى فضل صلاة التراويح: (من قام) أي: من صلى صلاة القيام، أو صلاة التراويح.

وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) وليلة القدر هي في العشر الأواخر في الأيام الوترية، فاحرص على أن تقيم العشر كلها لله، ليرزقك الله ليلة القدر، فإن رزقت بهذه الليلة سعدت في دنياك وأخراك، {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاء} [الحديد:٢١] (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه).

ولا ينبغي أن أنسى أن أذكر إخواني بالمحافظة على بقية الصلوات في نهار رمضان في جماعة، فلا تتخلف في رمضان عن صلاة في بيت الله إلا لعذر شرعي، واحرص على الجماعة، قال تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة:٢٣٨]، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمُ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج:٧٧]، وقال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى:١٤ - ١٥].

وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: (ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله! قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط فذلكم الرباط!).

وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: (أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات أيبقى من درنه شيء؟ -أي: هل يبقى على جسده شيء من القذر؟ - قالوا: لا، يا رسول الله! قال: فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا).

وفي معجم الطبراني الصغير والأوسط بسند حسنه الألباني في (صحيح الترغيب والترهيب) من حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه آله وسلم قال: (تحترقون تحترقون -أي: بالذنوب والمعاصي- فإذا صليتم الصبح غسلتها، ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم الظهر غسلتها، ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم العصر غسلتها، ثم تحترقون تحترقون، فإذا صليتم المغرب غسلتها، ثم تحترقون تحترقون، فإذا صليتم العشاء غسلتها، ثم تنامون فلا يكتب عليكم شيء حتى تستيقظوا) فإذا فعلت ذلك تنام طاهراً مبرأً.

إنه فضل الصلاة!! وأحذر نفسي وأحبابي من تضييع صلاة الفجر والعصر؛ لأن كثيراً من أحبابنا يقضون الليلة أمام السهرات الرمضانية التلفزيونية، ويضيعون صلاة العصر؛ لأنهم يعودون بعد العمل فينامون، فتضيع صلاة العصر طيلة أيام الشهر، فأحذر نفسي وأحبابي من هذا التفريط؛ أما صلاة الفجر فمن ضيعها بصفة مستمرة فيخشى عليه النفاق، كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال (إن أثقل الصلاة على المنافقين صلاة الفجر وصلاة العشاء).

وفي صحيح البخاري من حديث بريدة أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من ضيع صلاة العصر فقد حبط عمله) وهذا حديث في أعلى درجات الصحة.

أي: من ضيعها من غير عذر شرعي؛ فإن كنت متعباً وضبطت ساعة الوقت على أن تقوم لصلاة العصر فحبس الله روحك ونفسك فلم تستيقظ فلا حرج عليك إن شاء الله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تفريط في النوم) لكن أرجو ألا تكون معتاداً لذلك، وعليك أن تحرص، والله جل وعلا يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:١٦] فاحرص على صلاة الفجر والعصر والعشاء في جماعة في بيت الله جل وعلا، فضلاً عن بقية الصلوات، أسأل الله أن يعيننا وإياكم على الصلاة في جماعة في رمضان وفي غيره، وعلى قيام ليله، إنه على كل شيء قدير.