للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإغراق في حب الزينة وإظهارها عمداً

أول مظهر من مظاهر التبرج: الإغراق في حب الزينة وإظهارها عمداً، والإسلام يريد من المرأة أن تغرق في حب الزينة وتظهرها عمداً لكن لزوجها لا بد؛ فالمرأة جبلت على حب الزينة والتطيب والجمال، ولا مانع أبداً بشرط أن يكون ذلك للزوج؛ تعطري وتطيبي وتجملي وتزيني بل إن الإسلام يوجب عليك ذلك، وإن كثيراً من الأزواج ما هجروا البيوت إلا بسبب تضييع هذا الأمر؛ تضييع المرأة في ثيابها وزينتها وإقرار حقها فيهرب الزوج من البيت! الإسلام يأمركِ بذلك للزوج، وقديماً نصحت المرأة العاقلة والأم البليغة أمامة بنت الحارث ابنتها أم إياس بنت عوف الشيباني في ليلة زفافها، وكان من بين هذه النصيحة الطويلة التي ربما تعرضنا لها في مسألة الزواج إن شاء الله جل وعلا، قالت لها الأم: ولا تقع عينه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا أطيب ريح فالإسلام يأمركِ أن تتزيني وتتجملي وتتطيبي وتتعطري لزوجك في بيتك، وبالمقابل يحرم عليك الإسلام أن تتزيني وتتجملي لغير الزوج، ووالله أقسم بالله العلي العظيم، إن الوجه من أعظم محاسن المرأة، فهو محط الجمال وينبوع الخطر ومكمن الفتنة، فالله جل وعلا يحرم على المرأة أن تضرب الأرض برجلها حتى لا يفتتن الرجل بسماع صوت خلاخيلها في قدمها، فبالله عليكم أيها الناس بالله عليكن أيتها المسلمات أفيدونا وأجبننا يا أصحاب الإنصاف، بالله عليكم أي الفتنتين أعظم: أن يسمع الرجل إلى صوت خلخال في قدم امرأة لا يدري أشرهاء هي أم حسناء، أم أن ينظر إلى وجه سافر جميل امتلأ شباباً ونظرة وحيوية وجمالاً وتجميلاً بالأصباغ والمساحيق؟! أي فتنةٍ أعظم: فتنة القدم أم فتنة الوجه؟ لا إله إلا الله! قليلاً من الإنصاف يا عباد الله، قليلاً من الإنصاف لنصل إلى الحقيقة الواضحة كوضوح الشمس في رابعة النهار، أي الفتنتين أعظم: سماع صوت خلخال في قدم المرأة أو النظر في وجه سافر جميل امتلأ بالشباب والنظرة والحيوية والجمال؟ بل والتزيين بالأصباغ والمكياج والمساحيق؟ أي الفتنتين أعظم؟ وأنا لا آتي بشيء من عند نفسي حتى لا نتهم بالتطرف في ذلك الأمر.

فلتجيبوا أيها المنصفون ولتجبن أيتها المنصفات الإسلام لم يحرم عليك الزينة لزوجك وإنما حرم عليك أن تظهري هذه الزينة لغير المحارم، سبحان الله العظيم! ورد في صحيح البخاري أن السيدة عائشة رضي الله عنه قالت: (لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء بعده لمنعهن المساجد كما منع نساء بني إسرائيل).

لا إله إلا الله! ماذا أحدث النساء في عصر عائشة؟! ماذا أحدث النساء في عصر الطهر والعفاف؟! ماذا أحدث النساء في خير القرون بشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! السيدة عائشة تقول على نساء زمانها ذلك! فبالله عليكم ماذا تقول السيدة عائشة رضي الله عنها لو رأت نساءنا في هذه الأيام وأحوالهن إنا لله وإنا إليه راجعون! والفقهاء الذين قالوا: إن الوجه ليس بعورة يشترطون عدم الفتنة، يقولون بالإجماع: يحرم على المرأة أن تكشف وجهها إن خشيت الفتنة، وهل أمنت الفتنة في زماننا هذا يا عباد الله؟ أجيبوا يا أهل الإنصاف، وأجبن يا ذوات الإنصاف، يقول الفقهاء الذين قالوا بجواز كشف الوجه: يحرم على المرأة أن تكشف عن وجهها إذا خشيت الفتنة.

وهل أمنت الفتنة في زمان قل فيه الورع والإيمان والتقوى، والمروءة، بل والشهامة والنخوة والرجولة؟ هذا الزمان وإن كنا لا نعيب زماننا كما قال أبو الطيب:

نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا

أرى ثياباً تصان على أناس وأخلاق تداس فلا تصان

يقولون الزمان به فساد وهم فسدوا وما فسد الزمان