ثالثاً: الضحايا يعترفون والمأساة مروعة!! وسأكتفي بذكر ثلاث حالات فقط لنقف على خطورة المأساة.
فهذه فتاة جامعية تقول: شكلت أنا وزميلي ثناء عاطفياً كان محل أنظار الجميع، وفي السنة الرابعة قررنا أن نتزوج زواجاً عرفياً مزعوماً لنضع الأسرتين أمام الأمر الواقع!! تقول: وبالفعل كنا نلتقي في شقة أسرتي أثناء غيابهم أو في شقة زميل من زملائه سافر أهله إلى الخارج، تقول: ويوم أن ظهرت النتيجة اتصلنا بالأسرتين لنخبر الأسرتين معاً بخبر نجاحنا، تقول: فاتصلت بأمي، وأعطيتها بعد ذلك هذا الزوج المزعوم ليخبرها بخبر زواج ابنتها أي: بهذا الزواج العرفي، فلما اتصل الفتى على أم هذه الفتاة وأخبرها الخبر صرخت صرخة عالية، تقول البنت: سمعتها وأنا إلى جواره في التلفون، وأسرع الوالد إلى هذه الأم المسكينة ليتعرف على الخبر، فلما أخبرته بأن ابنته متزوجة أي: زواجاً عرفياً وهو لا يعلم، وأمها لا تعلم، سقط الوالد على الأرض، وحملوه إلى المستشفى في التو واللحظة، وفي غرفة العناية المركزة قال الطبيب: لقد أصيب هذا الرجل المسكين بجلطة في المخ تسببت في شلل نصفي، هذه ثمرة مرة من ثمار الزواج العرفي المشئوم المزعوم الباطل.
وهذه مضيفة جوية قتلت وأحرقت جثتها بسبب الزواج العرفي المزعوم، ونشرت الجريمة تحت عنوان: الطيار قاتل المضيفة يعترف ويقول: هددتني بإعلان زواجنا، فقتلتها بالسكين في شقتها، ثم أحرقت جثتها بعد ذلك.
وهذه حالة ثالثة: زوج أراد أن يتزوج على امرأته، لكنه خاف من زوجته ومن المجتمع الظالم الذي انقلبت فيه الموازين، وراح المجتمع ينظر إلى التعدد الحلال الذي شرعه الله على أنه جريمة وفضيحة، فتزوج في السر بهذا العقد العرفي الباطل، واستطاع لسنوات طويلة أن يخفي أمر زواجه العرفي عن أسرته الأولى، بل وعن المجتمع، فلقد تزوج المرأة الثانية بالعقد العرفي في بلد بعيد عن بلده الذي يسكن فيه مع أسرته الأولى حتى لا يفتضح أمر زواجه العرفي، ورزقه الله من زوجته الأولى بالأولاد، ورزق من المرأة الثانية أيضاً بالأولاد، ويقدر الله عز وجل أن يدخل ولده من زوجته الأولى إلى الجامعة، وأن تدخل البنت من المرأة الثانية إلى الجامعة، ويقدر الله أن يلتقي الشاب بالفتاة، ويحب كل منهما الآخر، فقررا الزواج العرفي، وسبحان الله! علم كل واحد منهما التطابق الكامل في الاسمين، ومع ذلك قال أحدهما للآخر: هذا من يمن القدر حتى الأسماء متطابقة إلى هذا الحد! وفي يوم من الأيام تقول الفتاة: شعرت بالحمل في أحشائي، وذهبت إلى هذا الشاب لتصرخ بين يديه ليتقدم إلى أهلها ليطلبها رسمياً، وحددت له موعداً، وفي اليوم المحدد، أتى هذا الشاب إلى أسرة هذه الفتاة ليطلبها، وكانت المفاجأة، وكانت الصدمة الحادة العنيفة، وهو يطرق الباب، والباب يفتح، من الذي يفتح الباب؟! إنه أبوه، ما الذي جاء به إلى هنا؟! فلما ظهرت الحقيقة، وعرف الشاب الخطر، ألقى بنفسه منتحراً، ولما علم الوالد الحقيقة سقط على الأرض وأصيب بأزمة قلبية، ولما علمت الفتاة الخبر أصيبت بحالة من الذهول، وفقدت النطق، ولا حول ولا قوة إلا بالله! وصدق الله جل وعلا إذ يقول:{قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى}[طه:١٢٣ - ١٢٦].
هذه ثمرة مرة للإعراض عن شرع الله، وللبعد عن منهج الله جل وعلا.
والسؤال المهم الذي يطرح نفسه: أليست هذه الظاهرة الخطيرة بكل ما تحمله من مآس مروعة نتيجة مؤكدة وطبيعة لأسباب محددة؟ والجواب بملء الفم وأعلى الصوت: نعم نعم.