للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مصيبة الموت وما اشتملت عليه من الدواهي]

انتبه معي أيها الشاب! انتبهوا معي أيها المسلمون! ما ظنك وما حالك لو قطع عرق من عروقك؟ لا شك أنك تتألم ألماً شديداً، وتتألم ألماً فظيعاً، وإحساسك بألمه هو من خلال وجود الروح فيك؛ لأنك لا تتألم إذا خرجت الروح منك، سئل الشافعي عليه رحمة الله وقيل له: يا إمام! هل الروح هي التي تحمل الجسد أم أن الجسد هو الذي يحمل الروح؟ فقال: بل إن الروح هي التي تحمل الجسد، بدليل أن الروح إذا فارقت الجسد؛ وقع الجسد جثة هامدة لا قيمة له، فأنت لا تتألم إلا لوجود الروح فيك، فإذا قطع عرق منك تتألم لوجود الروح فيك، فما ظنك إذا كان الذي ينزع منك هو الروح كله؟! الذي تنزع الروح من جسده يحس بسكرة عجيبة، وكربة شديدة، إنها سكرات الموت، فإن لكل عضو من أعضائك ولكل جارحة من جوارحك سكرة بعد سكرة، وكرباً بعد كرب، وضيقاً بعد ضيق، وهولاً بعد هول، قال عز وجل: {وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا} [النازعات:١] وهم الملائكة {وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا} [النازعات:٢]، إنها سكرات وكربات وأهوال! كرب بعد كرب لكل عضو ولكل جارحة، فينام الإنسان على فراش الموت وقد بردت أطرافه، وارتعدت فرائصه، واضطربت جوارحه، وتجعد وجهه، وبرد كل عضو منه بعد الآخر، أنفاسه في صدره تعلو وتهبط، اجتمع الناس من حوله، وأحضروا له الأطباء، وأحضروا له الخبراء، ووضعوا له التحاليل، ووضعوا له الأدوية، وجهزوا له كل شيء؛ لأنه صاحب المنصب، وصاحب الجاه، وصاحب السلطان، وصاحب الأموال، وصاحب القوة، وصاحب الوزارات، ولكن الله جل وعلا قدر عليه الموت، ولا راد لقدره ولا راد لمشيئته، قال عز وجل: {وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} [النساء:٧٨].