فإن لم تستطع إنكار المنكر لا بيدك ولا بلسانك فبقلبك، لكن اعلم أن إنكار المنكر في القلب له شرطان: الأول: أن يرى الله من قلبك بغض هذا المنكر الذي لا تستطيع تغييره، أما أن يجلس الرجل -مثلاً- أمام فلم من الأفلام وتعرض في هذا الفلم لقطات راقصة عارية، ثم يجلس المسلم ليشاهد ويحملق بعينيه، ثم يقول وهو يحملق: أستغفر الله، أستغفر الله، فهذا كذاب في استغفاره، فهو لم يغير بيده ولا بلسانه ولا حتى بقلبه، ولا عذر له.
والله لا عذر لواحد منا، لأنك إن لم تستطع أن تغير بيدك فغير بلسانك، فإن لم تستطع أن تغير بلسانك فغير بقلبك، ولا عذر لك البتة إن لم تغير هذا المنكر بقلبك، وذلك بأن يرى الله في قلبك بغضك لهذا المنكر.
الثاني: أن تزول أنت عن مكان المنكر الذي عجزت عن إزالته بيدك وبلسانك إن استطعت، ولابد من هذا القيد من باب الأمانة:(إن استطعت)، بمعنى: قد تكون في باص وأنت على سفر، ويعرض عليك فلم لا تريد أن تنظر إليه، ولا تستطيع أن تغادر الباص، فما عليك إلا أن تغض الطرف، وما عليك إلا أن يرى الله من قلبك بغضك لهذا المنكر، ثم انشغل أنت بصورة من صور الطاعة لله جل وعلا، كالذكر أو التسبيح أو الاستغفار أو الصلاة على النبي المختار صلى الله عليه وسلم، فهذه ضوابط لابد منها أيها الأفاضل! وليتحرك كل واحد منا على قدر استطاعته، كما قال تعالى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[التغابن:١٦]، وقال تعالى:{لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا}[البقرة:٢٨٦]، وقال تعالى:{لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَا آتَاهَا}[الطلاق:٧].