{فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ}[مريم:٣٧] بعد أن بين الله حقيقة عيسى اختلف الأحزاب أي: اختلف أهل الكتاب من اليهود والنصارى، فقال اليهود في عيسى: إن عيسى ولد زنا -والعياذ بالله- واختلف النصارى في عيسى على ثلاثة طوائف: قالت الطائفة الأولى: إن عيسى هو الله نزل من السماء إلى الأرض فأحيا من أحيا، وأمات من أمات، ثم صعد مرةً ثانيةً إلى السماء، وهذه هي الطائفة التي تسمى بـ اليعقوبية.
الطائفة الثانية قالت: بأن عيسى ابن الله، وهذه الطائفة تسمى بـ النسطورية.
الطائفة الثالثة قالت: إن عيسى ثالث ثلاثة، فالله إله وعيسى إله ومريم إله، وهذه الطائفة تسمى بـ المنسية.
وهناك طائفة رابعة ولكنها تختلف تماماً عن هذه الطوائف كلها، قالت: إن عيسى هو عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء وروحٌ من الله، وهذه الطائفة هم الموحدون من أمة إمام الموحدين وسيد الأولين والآخرين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، هذه هي الطائفة التي قالت بالحق وعرفت الحق فقالت بأن الله واحدٌ لا شريك له، واحدٌ في ذاته، وصفاته، وأفعاله، لا يشبهه شيء، منزه عن كل نقصٍ، ومنزهٌ عن كل عيب، لا تدركه العقول، ولا تكيفه الأفهام، فكلما دار ببالك فالله بخلاف ذلك:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[الشورى:١١] الذي قال ذلك هم الموحدون من أمة إمام الموحدين سيدنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم.