أيها الأحباب! هؤلاء عشقوا الجهاد بكل قلوبهم، شيوخاً ورجالاً وشباباً ونساءً وأطفالاً، اسمعوا معي: فتاة أفغانية جميلة عشقت الجهاد وأحبته، يتقدم لخطبتها شاب أفغاني مترف غني موسر متنعم، لبس أنعم الثياب وترك الجهاد، وترك إخوانه على قمم الجبال بين القنابل والصواريخ المحرمة دولياً التي استعملها الدب الروسي الوقح لحرب أفغانستان، ولقتل رجالها وشيوخها ونسائها، ولإفساد أرضها وزرعها.
يتقدم إليها هذا الشاب، ويجتمع أهل الأسرتين، وإذا بهم يفاجئون مفاجأة عجيبة، ما هي؟ تخرج هذه الفتاة المؤمنة بكامل حجابها، بنقابها وبغطاء وجهها، تخرج لتصفع الجميع صفعة قوية مؤلمة بهذه العبارة التي يشع من بين ثناياها حب الجهاد في سبيل الله، خرجت لتقول: لقد عاهدت الله ألا أتزوج إلا رجلاً بعضه في جنة الله، قد كسرت ذراعه أو كسرت ساقه في ميدان الجهاد في ميدان الشرف والبطولة والرجولة.
وهذا طفل صغير عشق الجهاد وأحبه وهو في الثالثة من عمره، يأتي قائد روسي بمجموعة من الدبابات ليقتحم قرية من القرى، ويقتل أهل بيت بكامله، وينجي الله طفلاً من هذا البيت، فيرى أمه قد ماتت، ويرى أباه قد مات، ويرى إخوانه قد ماتوا، وينجي الله هذا الطفل صاحب الثلاث سنوات.
أتدرون ماذا صنع هذا الطفل؟ خرج الطفل لا يهاب الموت، وكأنه لا يعرف شيئاً عن الموت، خرج هذا الطفل لينظر إلى هذا الدب الوقح الذي قتل أمه وأباه وإخوانه، ودمر وهدم بيته وعاد مرة أخرى إلى البيت، وأحضر علبة من الكبريت، وأقبل على أول دبابة ليحرقها بهذا الكبريت! ما هذا؟! من الذي علمه ورباه وأودع في قلبه حب الجهاد وحب الانتقام من الكفرة الفجرة؟! إنه الله جل وعلا:{وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}[الأنفال:٣٠]{وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى}[الأنفال:١٧].
عباد الله! هذا بإيجاز الحقيقة الأولى، وأسأل الله جل وعلا أن يتقبل منا وإياكم صالح الأعمال، وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، إنه هو الغفور الرحيم.