[أحوال السلف وأقوالهم في محاسبة النفس]
أيها المسلم! حاسب نفسك محاسبة الشريك الشحيح لشريكه.
قال ميمون بن مهران: (لا يبلغ العبد درجة التقى إلا إذا حاسب نفسه محاسبة الشريك الشحيح لشريكه).
إياك إياك أن تغتر بطاعة، إياك إياك أن تغتر بعلم، كن دائماً على وَجَل فإن العبرة بالخواتيم، أسأل الله أن يحسن لنا الخاتمة.
هذه الصديقة بنت الصديق عائشة الطاهرة المبرأة من السماء، يسألها أحد المسلمين عن قوله تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} [فاطر:٣٢] ما معناها يا أماه؟ فقالت عائشة: يا بني! أما السابق بالخيرات: فقوم سبقوا مع رسول الله وشهد لهم بالجنة، وأما المقتصد فقوم ساروا على دربه وماتوا على ذلك، وأما الظالم لنفسه فمثلي ومثلك.
عائشة لا تغتر بنسبها، لا تقول إنني زوج النبي، بل والله لقد بشرها المصطفى بالجنة ومع ذلك لا تغتر، تعرف قدر النفس وخطر النفس ولؤمها.
وهذا فاروق الأمة عمر وما أدراكم ما عمر؟! تعجز العبارات عن وصف عمر.
ينام الفاروق عمر على فراش الموت بعدما طعن، فيدخل عليه ابن عباس فيثني عليه بالخير، فيقول عمر: والله إن المغرور من غررتموه، وددت أن أخرج اليوم من الدنيا كفافاً لا لي ولا علي، والله لو أن لي ملأ الأرض ذهباً لافتديت به اليوم من عذاب الله قبل أن أراه.
وهذا هو معاذ بن جبل حبيب المصطفى الذي قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله إني لأحبك يا معاذ، لما نام على فراش الموت بعدما أصيب بطاعون الشام، قال لأصحابه: انظروا هل أصبح الصباح؟ هل أصبح الصباح؟ هل أصبح الصباح؟ ثم بكى معاذ وقال: أعوذ بالله من ليلة صباحها إلى النار.
وهذا سفيان الثوري إمام الورع والحديث، ينام على فراش الموت فيدخل عليه حماد بن سلمة فيقول له حماد: أبشر يا أبا عبد الله، إنك مُقْبِلُُ على من كنت ترجوه، وهو أرحم الراحمين، فبكى سفيان وقال: أسألك بالله يا حماد أتظن أن مثلي ينجو من النار؟! ونحن جميعاً يقول كل واحد منا: أتظن أن مثلي لا يدخل الجنة! فيا أيها المسلم: لا تغتر بطاعة، ولا تغتر بعلم، ولا تغتر بعمل، وكن دائماً على وجلٍ كما كان رسول الله وهو الذي غفر له ما تقدم من ذنبه، فحاسب نفسك بعد كل عمل، وحاسب نفسك بعد كل معصية، وحاسب نفسك على كل تقصير، وحاسب نفسك على كل تفريط.
إلى متى تسمع عن الله، وإلى متى تسمع عن رسول الله وأنت مفرط مضيع؟ عباد الله! إن الموت يأتي بغتة، وإن أقرب غائب ننتظره هو الموت قال سليمان بن عبد الملك لـ أبي حازم: يا أبا حازم مالنا نحب الدنيا ونكره الآخرة؟ فقال أبو حازم: لأنكم عَمَّرتُم دنياكم وَخَرَّبتُم أُخراكم، فأنتم تكرهون أن تنتقلوا من العمران إلى الخراب.
فقال سليمان: فما لنا عند الله يا أبا حازم؟ قال أبو حازم: اعرض نفسك على كتاب الله لتعلم مالك عند الله.
فقال سليمان: وأين أجد ذلك في كتاب الله؟ قال أبو حازم: عند قوله تعالى: {إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} [الانفطار:١٣ - ١٤].
فقال سليمان: فأين رحمة الله؟ فقال أبو حازم: (إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف:٥٦].
قال سليمان: فكيف القدوم على الله غداً؟ قال أبو حازم: أما العبد المحسن فكالغائب يرجع إلى أهله، وأما المسيء فكالعبد الآبق يرجع إلى مولاه.
أسأل الله أن يستر علي وعليكم في الدنيا والآخرة! اللهم لا تجعل لأحد منا في هذا الجمع الكريم ذنباً إلا غفرته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا عاصياً إلا هديته، ولا طائعاً إلا زدته وثبته، ولا حاجة هي لك رضاً ولنا فيها صلاح إلا قضيتها يارب العالمين! اللهم اجعل جمعنا هذا جمعاً مرحوماً وتفرقنا من بعده تفرقاً معصوما، ولا تجعل فينا ولا منا شقياً ولا محروما! اللهم اهدنا واهد بنا واجعلنا سبباً لمن اهتدى! اللهم استرنا فوق الأرض، وتحت الأرض، ويوم العرض! اللهم أكرمنا ولا تهنا، وكن لنا ولا تكن علينا، وإن أردت بالناس فتنة فاقبضنا إليك غير خزايا ولا مفتونين ولا مفرطين ولا مضيعين، ولا مغيرين ولا مبدلين برحمتك يا أرحم الراحمين! اللهم أقر أعيننا بتحرير الأقصى المبارك، اللهم ائذن بتحرير الأقصى المبارك، اللهم ائذن بتحرير الأقصى المبارك، اللهم عليك باليهود، وأعوان اليهود، وأتباع اليهود، وعملاء اليهود، اللهم حرق قلوبهم، واملأ بيوتهم ناراً، اللهم حرق قلوبهم واملأ بيوتهم ناراً! اللهم كما سخر اليهود من رسولك فانتقم لرسولك يا رب العالمين، اللهم انتقم لرسولك يا رب العالمين، اللهم انتقم لرسولك بعد خذلان المنافقين، اللهم انتقم لرسولك بعد خذلان المجرمين، اللهم انتقم لرسولك بعد خذلان الخائنين! اللهم بلغ عنا رسولك عذرنا وضعفنا، اللهم بلغ عنا رسولك عذرنا وضعفنا، اللهم بلغ عنا رسولك عذرنا وضعفنا! اللهم ارحم ضعفنا، واجبر كسرنا، واغفر ذنوبنا، واستر عيوبنا، وانتقم من المجرمين المنافقين الذين ضيعوا مكانة سيد النبيين برحمتك وقدرتك يا رب العالمين! اللهم عليك باليهود، اللهم عليك باليهود، اللهم عليك باليهود، اللهم عليك باليهود، اللهم عليك باليهود وأتباع اليهود، وعملاء اليهود، يا عزيز يا حميد! اللهم انصرنا فلقد قل الناصر، اللهم أعنا فلقد قل المعين، اللهم أعنا فلقد قل المعين، اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا، ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، لا إله لنا سواك فندعوه، ولا رب لنا غيرك فنرجوه، يا منقذ الغرقى، ويا منجي الهلكى، ويا سامع كل نجوى، يا عظيم الإحسان، يا دائم المعروف، يا ودود يا ودود يا ذا العرش المجيد، يا فعال لما يريد، يا من ملأ نوره أركان عرشه، يا غياث المستغيثين، يا كاشف الهم عن المهمومين، اللهم اكشف همنا، وفرج كربنا، واكشف الهم عن أمة حبيبك، وفرج الهم عن أمة حبيبك، وقيض للأمة القائد الرباني، وأبرم للأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر، أنت ولي ذلك والقادر عليه! اللهم أقر أعيننا بنصرة الإسلام وعز الموحدين، اللهم أقر أعيننا بنصرة الإسلام وعز الموحدين، اللهم أقر أعيننا بنصرة الإسلام وعز الموحدين! اللهم اجعل مصر واحة للأمن والأمان وجميع بلاد المسلمين، اللهم ارفع عن مصر الغلاء والوباء والبلاء وجميع بلاد المسلمين، اللهم اقبلنا وتقبل منا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، اللهم لا تجعل حظي من ديني قولي، وأحسن نيتي وعملي.
هذا وما كان من توفيق فمن الله، وما كان من خطأ أو سهو أو نسيان فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء، وأعوذ بالله أن أكون جسراً تعبرون عليه إلى الجنة ويلقى به في جهنم، ثم أعوذ بالله أن أذكركم به وأنساه.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.