[رحمة الله بعباده]
وأختم هذا اللقاء بهذا الحديث الجليل الكريم الذي رواه البخاري من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى امرأة في السبي تبحث عن ولدها، فلما وجدته ألزقته ببطنها فأرضعته، فأثر هذا المشهد الرقراق الحاني في قلب النبي الكريم، فسأل النبي أصحابه فقال: (هل ترون أن هذه الأم طارحة ولدها في النار؟ قالوا: لا يا رسول الله! فقال صلى الله عليه وسلم: لله أرحم بعباده من هذه بولدها).
فهيا أيها الشباب! وهيا أيتها الفتيات! إلى التوبة إلى رب الأرض والسموات.
وا أسفاه إن دعيت اليوم إلى التوبة وما أجبت وا حسرتاه إن ذكرت الآن بالله وما أنبت.
ماذا ستقول لربك غداً؟! وماذا ستقولين لربك غداً؟! تذكر أيها الشاب وتذكري أيتها الفتاة تذكروا أيها المسلمون: تذكر وقوفك يوم العرض عريانا مستوحشاً قلق الأحشاء حيرانا والنار تلهب من غيض ومن حنق على العصاة ورب العرش غضبانا اقرأ كتابك يا عبدي على مهل فهل ترى فيه حرف غير ما كانا فلما قرأت ولم تنكر قراءته وأقررت إقرار من عرف الأشياء عرفانا نادى الجليل خذوه يا ملائكتي وامضوا بعبد عصى للنار عطشانا المشركون غداً في النار يلتهبوا والمؤمنون بدار الخلد سكانا عد إلى الله، وتذكر أنك ميت، لا تغتر بشبابك، ولا تغتر بصحتك، ولا تغتر بقوتك، فالموت لا يترك صغيراً ولا كبيراً، ولا شاباً ولا شيخاً، ولا رجلاً ولا امرأة.
وأنت أيتها الفتاة! لا تغتري بشبابك ولا بجمالك ولا بصحتك، ولا بخديعتك لأسرتك ولا للمجتمع، فستقفين يوماً بين يدي الله جل وعلا الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
أيها المسلم! أيتها المسلمة! دع عنك ما قد فات في زمن الصبا واذكر ذنوبك وابكها يا مذنب لم ينسه الملكان حين نسيته بل أثبتاه وأنت لاه تلعب والروح منك وديعة أودعتها ستردها بالرغم منك وتسلب وغرور دنياك التي تسعى لها دار حقيقتها متاع يذهب الليل فاعلم والنهار كلاهما أنفاسنا فيهما تعد وتحسب وصدق ربي جل وعلا إذ يقول: {كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ * وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ * وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ * وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ * إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ * فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى * وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى * ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى * أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى * ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى * أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى * أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى * فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى * أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} [القيامة:٢٦ - ٤٠].
أسأل الله أن يردنا إلى الحق رداً جميلاً.
{رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان:٧٤].
اللهم استر نساءنا وبناتنا، واحفظ شبابنا وردهم إلى الحق رداً جميلاً برحمتك يا أرحم الراحمين.
أحبتي في الله! هذه صرخة ونصيحة من أخ يحبكم في الله، أسأل الله عز وجل أن يجعلها خالصة لوجهه، وأن ينفع بها المسلمين والمسلمات، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
هذا وما كان من توفيق فمن الله وحده، وما كان من خطأ أو زلل أو سهو أو نسيان فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء، وأعوذ بالله أن أذكركم به وأنساه.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
وجزاكم الله خيراً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.