[تحية وبشرى إلى بنت الإسلام]
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم.
بسم الله الرحمن الرحيم.
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وزد وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد: فمرحباً مرحباً بأحبابي وإخواني في الله عز وجل، ومرحباً مرحباً بأخواتي الفضليات، واسمحوا لي أن يكون هذا اللقاء رداً علمياً هادئاً على من حرم النقاب، وأضرع إلى الله جل وعلا أن ينفع بهذا اللقاء، وأن يجعله خالصاً لوجهه، وأن يكون زاداً لنا يوم نلقاه: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} [آل عمران:٣٠]، وحتى لا ينسحب بساط الوقت من تحت أقدامنا فسوف أركز الحديث في عدة عناصر: أولاً: تحية وبشرى إلى بنت الإسلام.
ثانياً: دعوى محدثة وأقوال خطيرة.
ثالثاً: كتاب تذكير الأصحاب في الميزان.
رابعاً: الأدلة الشرعية على وجوب الحجاب.
خامساً: عتاب ودعوة.
سادساً وأخيراً: أيتها المنقبة! أولاً: تحية وبشرى إلى بنت الإسلام: هذا نداء أصل العز والشرف والحياء، إلى صانعة الأجيال ومربية الرجال، إلى من تربعت طيلة القرون الماضية على عرش حيائها، تهز المهد بيمينها، وتزلزل عروش الكفر بشمالها.
إلى أختي المسلمة التي تصمد أمام تلك الهجمات الشرسة، وتصفع كل يوم دعاة التحرر والسفور بتمسكها بحجابها ونقابها.
تحية وبشرى إلى هذه القلعة الشامخة أمام طوفان الباطل والكذب، إلى أختي الفاضلة التي تحتضن كتاب ربها وترفع لواء نبيها وهي تصرخ في وجوه المبتدعين قائلة: بيد العفاف أصون عز حجابي وبعصمتي أعلو على أترابي إليك أيتها الدرة المصونة! إليك أيتها اللؤلؤ المكنون! أقدم لك التحية والبشرى من رسول الله صلى الله عليه وسلم في عهد الغربة الثانية التي تنبأ بها الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم: (بدأ الإسلام وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء)، طوبى لك يا بنت الإسلام! وهنيئاً لك يا صاحبة الحجاب! يا درة! حفظت بالأمس غالية واليوم يبغونها للهو واللعب يا درة! قد أرادوا جعلها أمة غريبة العقل غريبة النسب هل يستوي من رسول الله قائده دوماً وآخر هاديه أبو لهب؟ وأين من كانت الزهراء أسوتها ممن تقفت خطى حمالة الحطب؟ أختاه نفسك نبت لا جذور لها ولست مقطوعة مجهولة النسب أنت ابنة العرب والإسلام عشت به في حضن أطهر أم من أعز أب أيتها الأخت الفاضلة الصابرة! لقد علم أعداء ديننا أن المرأة المسلمة من أعظم أسباب القوة في المجتمع الإسلامي، فراحوا يخططون لها في الليل والنهار؛ لشل حركتها والزج بها في مواقع الفتنة، وأعلنوها صريحة في هذه المقولة الخطيرة، حيث قال أحدهم: كأس وغانية يفعلان في تحطيم الأمة المسلمة أكثر مما يفعله ألف مدفع، فأغرقوها في حب المادة والشهوات.
لقد عز عليهم أن تجود المسلمة من جديد على أمتها بالعلماء العادلين والمجاهدين الصادقين، فصار همهم أن تصير المسلمة عقيماً لا تلد، خشية أن تلد من جديد خالداً وصلاح الدين وابن تيمية وغير هؤلاء.
ولذلك لم يرفعوا أيديهم عن أمتنا ويسحبوا جيوشهم العسكرية من بلادنا، إلا بعد أن اطمئنوا أنهم خلفوا وراءهم خطاً فكرياً جديداً أميناً على كل أهدافهم، وأطلقوا على أفراد هذا الجيش أفضل الألفاظ والأوصاف كالمحررين والمجددين وأحاطوا هذا الصنف بهالة من الدعاية الفاسدة تخفي جهله، وتغطي انحرافه، وتنفخ فيه ليكون شيئاً مذكوراً، وتحدث حوله ضجيجاً يلفت إليه الأسماع ويلوي إليه الأعناق، وكل هذا في الحقيقة والله لا يفيد من جهله علماً، ولا من قلبه تقوى، ولا من بعده عن قلوب الناس قرباً، فهو كالطبل الأجوف يسمع من بعيد وباطنه من الخيرات خال.
ومما يمزق الضمائر الحية أن يكون من بين هؤلاء بعض المتصدرين للفتوى، والمتسمين بسمة أهل العلم الشرعي الديني، الذين يزورون لأهل الباطل وأعداء الدين شبهاً عرجاء يتكئون عليها، لينفذوا مآربهم من تدمير صفة هذه الأمة، وتدمير وجهتها وقبلتها من حيث يشعرون أو لا يشعرون.
وفي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من صدور الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رءوساً جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا)، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!!