قد يقول قائل: ما هو واجبنا تجاه هذه الحرب، وماذا نفعل؟ يجب عليك ابتداء -أيها المسلم وأيتها المسلمة- أمام هذه الحرب المسعورة المعلنة على الإسلام بثوابته: أن تحصن نفسك بالإيمان والعلم الشرعي الصحيح، حصن نفسك بالإيمان، فالإيمان الآن كسفينة نوح وسط هذه الأمواج المتلاطمة، إن لم تركب هذه السفينة ستغرق وستهلك، ابحث عن العلماء الربانيين، مهما روجوا في وسائل الإعلام وفرقوا بين العلماء الرسميين والعلماء غير الرسميين، لو كان لا ينبغي لأي أحد أن يتكلم في دين الله إلا إذا حصل على ورقة رسمية فسنحكم الآن بأن الإمام أحمد والشافعي ومالك وأبا حنيفة وابن القيم وابن تيمية، بل والصحابة بأنهم لم يكونوا مؤهلين للدعوة، فالدعوة إلى الله عز وجل: قال الله قال رسوله بالدليل الصحيح، أنت أخذت تصريحاً واضحاً أن تتحرك لدين الله من شريعة رسول الله، إن كنت فاهماً لأدلة القرآن، وأدلة النبي عليه الصلاة والسلام، ولست في حاجة إلى أن يقال لك: تحرك أو لا تتحرك، بل يجب عليك أن تحصن نفسك بالإيمان الصحيح وبالعلم الشرعي الصحيح.
ثم الخطوة الثالثة: يجب عليك أن تتحرك بهذا العلم الصحيح للأمر بالمعروف بمعروف والنهي عن المنكر بغير منكر، تحرك للدعوة لدين الله تبارك وتعالى، فكما تحرك أهل الكفر لكفرهم، وأهل الباطل لباطلهم؛ وجب على أهل الحق أن يتحركوا لحقهم، أقسم بالله الذي لا إله غيره! ما انتشر الباطل وأهله، إلا يوم أن تخلى عن الحق أهله.
حصن نفسك بالإيمان والعلم الشرعي على قدر استطاعتك، أنت طبيب، أو مهندس، أو مسئول، أو موظف، وأنتِ زوجة في البيت؛ فلنتحرك جميعاً على قدر استطاعتنا، ونعبر عن غيرتنا لله، عبر عن غيرتك لذات الله ولقرآن الله، مر بالمعروف بمعروف، وانه عن المنكر بغير منكر، وبغير انفعال يخرج بك عن ضوابط الشرع.
من منا لا يقدر -بعد هذا الهم- أن يكتب مائة رسالة، هذه الألوف المؤلفة التي تحضر معي الآن لو كتب كل فرد فينا عشر رسائل -حتى لا أكون مبالغاً أو شاقاً على الأحباب- وأرسل إلى المسئولين بكلمات مهذبة جميلة، يعبر من خلالها عن غضبه لدينه لعقيدته لقرآن ربه لذات الله جل جلاله، أرسل إلى المسئولين إلى رئيس الجمهورية إلى رئيس الوزراء إلى وزير الأوقاف إلى شيخ الأزهر إلى المفتي إلى وزارة الأوقاف إلى كل المسئولين، وإن كان هنا مسئول يسمعني الآن فأقول له: هذا دينك، هذا قرآنك، هذا ربك جل جلاله، فإن لم تتحرك الآن فمتى ستتحرك؟! ينبغي أن يعي المسئولون أن هذه الأمة لا زالت قلوبها تنبض بتوحيد الله، يجب أن يعلم المسئولون أن هذه الأمة لا زالت تقدم أرواحها ودماءها فداء لدين ربها، وقرآن ربها، ولنبيها صلى الله عليه وسلم، وهي وراء العلماء الربانيين، ووراء الدعاة الصادقين الذين يقولون: قال رب العالمين، قال سيد النبيين، هذا دورك أنت، لا عذر لك -ورب الكعبة- إن لم تفعل، وهذا أضعف الإيمان.
إن مثل هذا المشهد الذي يتمثل بكثرة من حضور الناس في المساجد يدل على أن الأمة تعشق الإسلام، وتموت من أجل التوحيد، وتبذل الوقت والمال من أجل أن تستمع إلى الدعاة وإلى العلماء الربانيين، الذين يقولون: قال الله، قال رسوله؛ ولذلك فلابد أن نجيش طاقات الأمة، وقدرات الأمة، وإمكانات الأمة، وقوة الأمة؛ لنري أعداءنا في الخارج والداخل: أن الأمة لا زالت قلوبها تنبض بحب الإسلام، وبحب التوحيد، وبحب القرآن، وبحب النبي محمد عليه الصلاة والسلام.
ومع كل هذا فأقول لكم: إنها زوبعة في فنجان، كل ما سمعتموه، وكل الحرب المعلنة على ثوابت الإسلام، شأنها كشأن ذبابة حقيرة تافهة سقطت على نخلة عملاقة، ولما أرادت الذبابة الحقيرة أن تطير وتنصرف قالت للنخلة العملاقة: تماسكي أيتها النخلة! لأني راحلة عنك، فردت عليها نخلة التمر العملاقة وقالت: انصرفي أيتها الذبابة الحقيرة! فهل شعرت بك حينما سقطت علي لأستعد لك وأنت راحلة عني! أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.