الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته، واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أما بعد: المحور الثالث من محاور الحرب على السنة أنهم يعلنون أن السنة لا تليق إلا لحياة البداوة، ولا تتناسب مع الحياة الحضارية العلمية المادية الحديثة، وهذا هو عنصرنا الثالث السنة والحضارة.
أيها الحبيب: لا خلاف بين أهل العلم أن أيَّ حضارة لا بد لها من عنصرين رئيسيين: ألا وهما العنصر المادي والعنصر الأخلاقي، وتنبه لهذا الكلام جيداً، فإنه يشوش علينا من يسمون بالنخبة، ويزعمون أنهم -فقط- هم الذين يفهمون ويحسنون، أما من ينتسبون إلى الإسلام فهم لا يفهمون ولا يحسنون أي شيء.
من المتفق عليه أن أيَّ حضارة على وجه الأرض لابد لها من عنصرين لا تقوم الحضارة إلا بهما، ألا وهما العنصر المادي والعنصر الأخلاقي، وهناك اتفاق أيضاً على أن الحضارة لا كيان لها ولا كرامة إلا إذا سخرت العنصر المادي لخدمة العنصر الأخلاقي، فما قيمة المادة إذا كانت سبباً في هلاك الإنسان؟! ما قيمة المادة إذا كانت سبباً في شقائه وضنكه وتعاسته؟! إن الحضارة الغربية المادية الآن حضارة مجنونة بكل المقاييس، حضارة تبني وتعمر وتدمر وتهدم بالحروب المتوالية في آن واحد، ثم ينادي أصحاب هذه الحضارة على العالم كله لجمع التبرعات لإعادة تعمير ما دمروه مرة أخرى، إنه جنون رسمي.