[الحث على الجهاد والشهادة في سبيل الله]
لما تعامل جيلنا الآن على أرض فلسطين مع القرآن، وفهم هذه الآيات، وعلم شبابنا عقيدة اليهود لا عن طريق ألسنة البشر، ولا عن طريق المثقفين والكتاب والمفكرين، بل عرف شبابنا عقيدة القوم من كلام رب العالمين، ومن كلام سيد النبيين وسيد الصادقين صلى الله عليه وسلم؛ انطلقوا بهذه العقيدة التي حولت مجريات الأمور.
لما حول شبابنا شيئاً من منهج القرآن على أرض الواقع إلى منهج حياة؛ قلبت الأمور كلها وتغيرت تماماً، فبالأمس فقط شاب يضحي بنفسه لله جل وعلا، أسأل الله أن يتقبله عنده في الشهداء، والله ما حركه إلا كلام الله وكلام الصادق رسول الله.
أقسم بالله إن فلسطينية رزقها الله بست بنات وابن في العاشرة من عمره، فيخرج هذا الولد ابن العاشرة يحمل حجارة، ويلبس زياً عسكرياً! فيقول له أحد الكبار من الشيوخ حينما رأى طفلاً في العاشرة: ما اسمك يا بني؟ قال: محمد.
قال: وإلى أين أنت ذاهب؟! قال ابن العاشرة: إلى الجهاد في سبيل الله! فقال له الشيخ: أين أبوك؟ قال: استشهد قبل أربعين يوماً! فقال له الشيخ: هل استأذنت أمك؟ قال له ابن العاشرة: نعم، استأذنت أمي قبل أن أخرج! قال له: ماذا قالت؟! فقال ابن العاشرة: قالت لي: اذهب يا محمد إلى الجهاد، وأسأل الله أن يلحقك بأبيك! هل يحرك هذه القلوب بهذه الصورة كلام بشر؟! والله ما تعطشت القلوب للشهادة إلا لما حركها كلام الله وكلام الصادق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما ذاقت حلاوة وعد الله، وخافت وعيده.
يا عابد الحرمين لو أبصرتنا لعلمت أنك في العبادة تلعب من كان يخضب خده بدموعه فنحورنا بدمائنا تتخضب ريح العبير لكم ونحن عبيرنا رهج السنابك والغبار الأطيب من كان يتعب خيله في باطل فخيولنا يوم الكريهة تتعب ولقد أتانا من مقال نبينا قول صحيح صادق لا يكذب لا يلتقي غبار خيل الله في أنف امرئ ودخان نار تلهب {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران:١٦٩] , والله ما سطر الشاب الذي لم يبلغ العشرين من عمره على جدار في القدس الشريف هذه الكلمات إلا من منطلق كلام ربه وكلام نبيه حينما قال: إما عظماء فوق الأرض، وإما عظام تحت الأرض، إنه القرآن الذي يربي.
قال النبي صلى الله عليه وسلم يوماً: (قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض، فقال عمير: بخ بخ جنة عرضها السماوات والأرض! فقال له النبي: ما حملك على قول بخ بخ يا عمير؟ قال: لا، غير أني أرجو الله أن أكون من أهلها، قال له الصادق: أنت من أهلها)، فأخرج عمير بن الحمام تمرات يأكلهن؛ ليتقوى على القتال، فقال لنفسه: كأنه ما بيني وبين الجنة إلا أن ألقي بهذه التمرات وأنطلق في الصفوف لأقاتل فأقتل فأدخل الجنة! والله لئن حييت حتى آكل هذه التمرات إنها لحياة طويلة! يا من تعيشون للعروش! يا من تعيشون للفروش! يا من تعيشون للكروش! {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} [الرحمن:٢٦] , سيموت الصغار والكبار، سيموت الجبناء الحريصون على الحياة بأي ثمن، ويموت الصادقون المخلصون الذين يبذلون لدين الله كل ثمن، سيموت أصحاب الاهتمامات الكبيرة والأهداف العالية، ويموت كذلك التافهون الراقصون على الجراح، الذين يعيشون من أجل متاع دنيوي حقير زائل رخيص، الكل سيموت فلنمت بشرف، فلنمت بكرامة، ماذا لو اتخذت قمة كقمة الأمس قراراً برفع راية الجهاد بعد العودة إلى شريعة الله؟! أقسم بالله لتغير كل شيء، قرار على ألسنة قادة الأمة بالعودة إلى الله أولاً، ومحال أن ترفع راية للجهاد في سبيل الله قبل أن تعود الأمة إلى الله، وإلى تطبيق شرعه، وإلى التحاكم للقرآن، {أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمْ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً} [الأنعام:١١٤]، {أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ} [آل عمران:٨٣]، {أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمْ اللَّهُ} [يوسف:٣٩]، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ} [المائدة:٤٤]، {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [النساء:٦٥]، {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقِيهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَائِزُونَ} [النور:٥١ - ٥٢].
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً} [النساء:٦٠ - ٦١] , فلابد من العودة أولاً إلى القرآن وامتثال آياته وأوامره وتكاليفه وحدوده أمراً أمراً وتكليفاً تكليفاً ونهياً نهياً وحداً حداً، بل وكلمة كلمة وحرفاً حرفاً، والعودة إلى القرآن ليست نافلة، العودة إلى القرآن ليس تطوعاً منا ولا اختياراً، بل إننا أمام شرط الإسلام وحد الإيمان، {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ} [النساء:٦٥] إلخ الآية.
على قادة الأمة أن يعلنوا الجهاد في سبيل الله، وأنا أعي ما أقول، وأعي كل لفظة -بفضل الله- أرددها، فلنرجع إلى الله، ولنمتثل الأمر، ونحول القرآن إلى واقع، ولنجدد الإيمان، ولنحقق الإيمان، ثم لترفع راية الجهاد، وسيرى حكامنا -بهذا الشرط الذي ذكرت- سيرون من شباب الأمة العجب العجاب -أستغفر الله- بل سيرون من شيوخ الأمة العجب العجاب! والله لقد كنت أذكر بمثل هذا الكلام في مسجد التوحيد في القاهرة يوماً، وقلت: إن من شبابنا الآن من يحترق قلبه شوقاً للشهادة، وإذا برجل يجلس عن يمين المنبر على كرسي جاوز التسعين من عمره، بلحية بيضاء، حينما سمعني أقول: فإن من شبابنا، إذ به يقف ويقول: ومن الشيوخ يا شيخ! ومن الشيوخ! فلم تحمله قدماه فسقط على الأرض! جاوز التسعين وهو يريد الشهادة في سبيل الله! والله لرأى حكامنا من شباب الأمة ومن شيوخ الأمة العجب العجاب.
نريد أن نقتل في سبيل الله، والله نريد أن نقتل في سبيل الله، والله الذي لا إله غيره إن من شبابنا الآن من يستعد أن يضع صدره بغير سلاح على فوهة مدافع أعداء الله؛ ليعُلموا العالم كله أن محمداً ما مات وما خلف بنات، بل خلف رجالاً أطهاراً تحترق قلوبهم شوقاً للشهادة وللجنة.
آه يا مسلمون! متنا قروناً والمحاق الأعمى يليه محاق أي شيء في عالم الغاب نحن آدميون أم نعاج نساق نحن لحم للوحش والطير منا الجثث الحمر والدم الدفاق وعلى المحصنات تبكي البواكي يا لعرض الإسلام كيف يراق قد هوينا لما هوت وأعدوا واعدوا من الردى ترياق واقتلعنا الإيمان فاسودت الدنيا علينا واسودت الأعماق وإذا الجذر مات في باطن الأرض تموت الأغصان والأوراق اللهم رد الأمة إلى القرآن رداً جميلاً، اللهم رد الأمة إلى القرآن رداً جميلاً، اللهم رد الأمة إلى القرآن رداً جميلاً، اللهم رد حكام الأمة إلى القرآن رداً جميلاً، اللهم رد حكام الأمة إلى القرآن رداً جميلاً، اللهم رد علماء الأمة ورجالها ونساءها وشبابها وأطفالها إلى القرآن رداً جميلاً، اللهم انصر الإسلام والمسلمين نصراً مؤزراً، اللهم اشف صدور قوماً مؤمنين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.