أما الشرط الثالث من شروط قبول إجابة الدعاء: أن يكون الداعي على يقين وثقة بالله جل وعلا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أحمد والترمذي وغيرهما وحسنه شيخنا الألباني أنه صلى الله عليه وسلم قال:(ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يقبل دعاءً من قلبٍ غافل لاهٍ) يا له من دواء، وكم استمعت إلى شكاوى كثير من المسلمين، يشتكون من طول الدعاء وما ذاك إلا لأن قلوبهم لاهية؛ لأن قلوبهم قد انشغلت وهامت في كل وادٍ، ما تحرك قلبه وما خشع قلبه، وما اقشعر جلده، وما دمعت عينه، وما أحس باللذة في مناجاته لله جل وعلا، فلو استمع إلى خمس دعوات أو عشر دعوات لأحس بالملل والضجر والطول، لماذا؟ لأنه والله لو طهرت قلوبنا ما شبعنا من مناجاة ربنا جل وعلا، كيف وأنت تناجي القوي العزيز الكريم:(والله لا يقبل دعاء من قلب غافل لاه).
وأخيراً أيها الأحبة! نقلاً عن الإمام القرطبي في الجامع لأحكام القرآن الكريم، قال: مر إبراهيم بن أدهم بسوق البصرة يوماً فالتف الناس حوله، وقالوا: يا أبا إسحاق! يرحمك الله، مالنا ندعو الله فلا يستجاب لنا؟ فقال إبراهيم: لأنكم أمتم قلوبكم بعشرة أشياء: عرفتم الله فلم تؤدوا حقوقه، وزعمتم حب رسوله ولم تعملوا بسنته، وقرأتم القرآن ولم تعملوا به، وأكلتم نِعَم الله ولم تؤدوا شكرها، وقلتم: بأن الشيطان لكم عدو ولم تخالفوه، وقلتم: بأن الجنة حق ولم تعملوا لها، وقلتم بأن النار حق ولم تهربوا منها، وقلتم بأن الموت حق ولم تستعدوا له، ودفنتم موتاكم ولم تعتبروا بهم، وانتبهتم من نومكم فانشغلتم بعيوب الناس ونسيتم عيوبكم.
إنا لله وإنا إليه راجعون! أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.