أول حق: أن نقرأ القرآن، أقسم بالله العظيم أن من المسلمين الآن من لم يقرأ كتاب الله، وإن قرأ فإنما يقرأ في رمضان وربما في العشر الأوائل فقط، فإن انتهى رمضان أودع كتاب الله علبته مرة أخرى لتتراكم عليه الأتربة، وهجر القرآن بالكلية هجر تلاوة، مع أن الأصل أنه يجب على كل مسلم قارئ أن يكون له ورد يومي مع كتاب الله تبارك وتعالى، قال ابن القيم: يقرأ القرآن وهو يتصور بقلبه وكيانه أن الله يحدثه.
أما أجر تلاوته فلا يعلمه إلا الله، قال صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الصحيح الذي رواه الترمذي وغيره من حديث ابن مسعود قال:(من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنه، والحسنة بعشر أمثالها، أما إني لا أقول ألم حرف، بل ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف) , وفي الحديث الذي رواه الطبراني وصححه شيخنا الألباني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(أبشروا! فإن هذا القرآن طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم، فإن تمسكتم به لن تهلكوا أبداً).
وفي صحيح مسلم من حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(يؤتى يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به تقدمه -أي: تقدم القرآن- سورة البقرة وسورة آل عمران كأنهما غمامتان أو غيابتان أو غيايتان أو كأنهما خرقان من طير صواف تحاجان عن صاحبهما) أي: بين يدي الله جل وعلا.
{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}[الأعراف:٢٠٤]، ولا يسمع القرآن إلا صاحب القلب الحي، وهو الذي يصغي بأذن رأسه وقلبه فيسمع عن الله جل وعلا؛ لينتفع بآيات الله المتلوة وآيات الله المرئية في الكون من عرشه إلى فرشه.