الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أما بعد: فحيَّاكم الله جميعاً أيها الآباء الفضلاء! وأيها الإخوة الكرام الأعزاء! وطبتم وطاب ممشاكم وتبوأتم جميعاً من الجنة منزلاً، وأسأل الله العظيم الكريم جل وعلا الذي جمعنا في هذا الجمع الكريم المبارك على طاعته أن يجمعنا معكم مع سيد النبيين في الآخرة في جنته ودار كرامته، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أحبتي في الله! لقاؤنا مع حضراتكم في هذا اليوم الكريم المبارك، بعنوان:(الغفلة) وسوف ينتظم حديثنا مع حضراتكم تحت هذا العنوان في العناصر التالية: أولاً: التهالك على الدنيا والتغافل عن الآخرة.
ثانياً: الاستخفاف بأوامر الله عز وجل.
ثالثاً: الغفلة عن الغاية.
وأخيراً: ففروا إلى الله.
فأعيروني القلوب والأسماع، فإن هذا الموضوع بين يدي شهر رمضان من الأهمية بمكان، والله أسأل أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب.
آيات تهز الغافلين هزاً، فالحساب قد اقترب والناس في غفلة!! وآيات الله تتلى، ولكنهم معرضون لا يأتمرون بأوامر الله عز وجل، ولا يقفون عند حدوده جل وعلا.
إنك لو نظرت الآن إلى واقع كثير من المسلمين كاد قلبك أن ينخلع وكأن المسلم لا يعلم عن دين الله شيئاً ولا يعنيه أن يسمع قال الله، قال رسوله، فهو لا يعيش إلا لشهواته ونزواته الرخيصة، وكأنه نسي أنه سيعرض يوماً على الله جل وعلا ليسأل عن كل شيء، مصداقاً لقوله سبحانه:{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه}[الزلزلة:٧ - ٨].
أيها المسلمون! أليس عجيباً أن يعرض المسلم عن الله؟! أليس عجيباً أن يتغافل المسلم عن لقاء مولاه وأن يقضي جل عمره في معصية الله جل وعلا؟!