هذه هي الخطوة العملية الثانية من بنود المنهج الذي يجب أن ننفذه جميعاً، وليبدأ كل منا بنفسه: إقامة الفرقان الإسلامي؛ ليستبين كل أحد سبيل المؤمنين من سبيل المجرمين، مستحيل أن ننصر الأمة ونحن في حالات من التذبذب، فترى المسلم تارة مع العلمانيين مع المجرمين مع المنافقين مع المبتدعين مع الضالين، وتراه تارة مع المسلمين مع الصادقين مع المتبعين! حالة الغبش هذه، وحالة التذبذب هذه، حالة عدم الولاء والبراء الشرعي، لن تقيم لله ديناً في أرضه، بل لابد أن توالي الله ورسوله والمؤمنين، وأن تتبرأ من الشرك بصوره، ومن جميع المشركين على وجه هذه الأرض، استغل هذه الأحداث التي تمر بها أمتنا الآن، ورب زوجك وأولادك على عقيدة الولاء والبراء.
هل أحضر واحد منا أسرته في هذه الأزمة الطاحنة، وقال: يا أبنائي! تدبروا معي قول الله تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ}[البقرة:١٢٠]؟ فبين لهم عقيدة الأمريكيين وعقيدة اليهود، وأصل في قلوبهم من جديد عقيدة الولاء والبراء، والله لا يصح لك دين، والله لا يصح لك إيمان، والله لا تقبل لك صلاة إلا بالولاء والبراء.
دعك من هذا التميع، أين الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين؟! وأين البراء من الشرك كله والمشركين أينما كانوا وحيثما وجدوا؟! أتحب أعداء الحبيب وتدعي حباً له ما ذاك في الإمكان وكذا تعادي جاهداً أحبابه أين المحبة يا أخا الشيطان إن المحبة أن توافق من تحـ ب على محبته بلا نقصان فإن ادعيت له المحبة مع خلا فك ما يحب فأنت ذو بهتان وقال آخر: لو صدقت الله فيما دعوته لعاديت من بالله ويحك يكفر وواليت أهل الحق سراً وجهرة ولما تعاديهم وللكفر تنصروا فما كل من قد قال ما قلت مسلم ولكن بأشراط هنالك تذكر مباينة الكفار في كل موطن بذا جاءنا النص الصحيح المقرر وتصدع بالتوحيد بين ظهورهم وتدعوهم سراً بذلك وتجهر هذا هو الدين الحنيف والهدى وملة إبراهيم لو كنت تشعر قال جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}[المائدة:٥١] قال حذيفة بن اليمان: فليخش أحدكم أن يكون يهودياً أو نصرانياً وهو لا يدري؛ لقول الله تعالى:(وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) إذاً: لابد من إقامة الفرقان الإسلامي.
روى الطبري بسند صحيح:(أن النبي دعا يوماً عبد الله بن عبد الله بن أبي ابن سلول وقال له: يا عبد الله! هل سمعت ما قال أبوك؟ قال عبد الله: وماذا قال، بأبي أنت وأمي يا رسول الله؟! قال المصطفى: يقول أبوك: {لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ}[المنافقون:٨] فقال عبد الله المؤمن التقي: صدق -والله- أبي، فأنت الأعز وهو الأذل يا رسول الله!، والله لتسمعن ما تقر به عينك.
وانطلق عبد الله، ووقف أمام أبيه، ومنع أباه من أن يدخل داره، فصرخ رأس النفاق ابن سلول: يا للخزرج! ابني يمنعني من بيتي؟! واجتمع الخزرج إلى عبد الله، وقالوا ما الخبر؟! فقال الولد لأبيه: أأنت القائل: (لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ)؟ والله لا يؤويك ظلها -يعني: المدينة-، ولا تبيتن الليلة في بيتك إلا بإذن من الله ورسوله؛ لتعلم من الأعز ومن الأذل)! يقول الله تعالى:{لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ}[المجادلة:٢٢]، لابد من التمايز أيها الشباب! لابد من إعلان الولاء بصفاء، ولابد من إعلان البراء بقوة وجرأة وشجاعة.