للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[حقيقة اليهود]

اليهود هم إخوان القردة والخنازير وزمرة الشيطان.

أيها المسلمون! والله الذي لا إله غيره! لولا أن الله قد أخذ على أهل العلم العهود والمواثيق أن يبينوا ويتكلموا ما تكلمنا، فلقد مضى زمن الكلام، وانتهى زمن التنظير، ولا مجال مطلقاً للجهود الدبلوماسية بعدما نطقت الدبابة والبندقية على أيدي أرذل وأنجس وأحقر أهل الأرض من إخوان القردة والخنازير، فلا مجال للكلام مطلقاً، ولولا أن الله قد أخذ على أهل العلم العهد والميثاق أن يبينوا والله! ما بينا، ووالله! ما تكلمنا.

لقد طاردتني الصور المؤلمة التي تحرق فؤاد كل مسلم حي -هذا إن كنا لا زلنا نحمل في الصدور أفئدة- ولا حول ولا قوة إلا بالله.

طاردتني كما طاردت كل مسلم صادق هذه الصور المؤلمة التي تحرق القلب، إنها صورة الطفل المسكين الذي لا ذنب له ولا جريرة إلا أنه ولد فوق الثراء الطاهر والأرض المباركة، فوق مسرى الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، فقام اليهود المجرمون الأنذال الذين لا يعرفون رحمة ولا يعرفون شفقة بقتله، حتى بعدما احتمى الطفل بأبيه، وجعل يرفع يديه خائفاً من هؤلاء المجرمين، وجعل الوالد المسكين يرفع يده مسلماً مستسلماً، ولكن هيهات هيهات أن يعرف اليهود الرحمة، اللهم إلا إذا دخل الجمل في سم الخياط! فأطلقوا الرصاص على رأس هذا الطفل المسكين فأردوه قتيلاً، وإن شئت فقل: لقد قتلوا أباه وإن لم تمته الرصاص، فتصور أن يموت ولدك بين يديك بهذه الصورة التي تحرق الأفئدة؟! والله! لقد نظرت إلى أطفالي بالأمس القريب، وتخيلت أن قاذفة من قاذفات العدو اليهودي قد أطلقت على بيتي وأنا فيه مع أهلي وأولادي، فتمزقت أشلاء أطفالي أمام عيني وبين يدي، فلم أذق طعم النوم؛ فأنى للقلوب التي تعرف حقيقة الإيمان، والتي ذاقت حلاوة الولاء والبراء أن تعرف طعم النوم، وأن تعرف طعم الراحة؟ والله! لولا أن المصطفى كان في المصائب يأكل لما أكلنا، إنها المصيبة والمأساة، فالطائرات والدبابات والصواريخ والمدفعية تدق بيوت الفلسطينيين العزل الذين لا يملكون إلا إيماناً بالله جل وعلا، ثم الحجارة، ثم الحجارة، ثم الحجارة.

وطاردتني صورة امرأة عجوز يتساقط بيتها فوق رأسها، وهي تنظر إلى سقف البيت يتحطم، ولا تملك أن تفعل شيئاً على الإطلاق.

وطاردتني صورة الأقصى الجريح وهو يأن ويستجير، وهو يصرخ في المسلمين: واإسلاماة! واإسلاماة! لكن من يجيب؟! القدس يصرخ، ولقد انتابتني حالة نفسية عجيبة حالة نفسية مؤلمة، لكن من يجيب؟ كنت أصرخ، ولكن الصرخة في صحراء مقطعة مهلكة، كما قال الشاعر: عبثاً دعوت وصحت يا أحرار! عبثاً لأن قلوبنا أحجار عبثاً لأن عيوننا مملوءة بالوهم تظلم عندها الأنوار عبثاً لأن شئوننا يا قومنا! في الغرب يفتل حبلها وتدار ولأننا خشب جامدة فما ندري ماذا يصنع المنشار أما سقوط الأقصى فحالة مألوفة تجري بها الأقدار هذي شئون القدس ليس لنا بها شأن وما للمسلمين خيار يا ويحكم! يا مسلمون! قلوبكم ماتت فليست بالخطوب تثار أنكرتم الفعل الشنيع بقولكم شكراً لكم لن ينفع الإنكار شكراً على تنظيم مؤتمراتكم وعلى القرار يصاغ منه قرار وعلى تعاطفكم فتلك مزية فيكم تصاغ لمدحها الأشعار يا ويحكم! يا مسلمون! نساؤكم في القدس يسألن عنكم والدموع غزار هذه تساق إلى سراديب الهوى سوقاً وتلك يقودها الجزار لو أن سائحة من الغرب اشتكت في أرضكم لتحرك الإعصار أما الصغار فلا تسل عن حالهم مرض وخوف قاتل وحصار واليهود يذبحون ويقتلون وما لهم ناصر ودمع عيونهم مدرار يا ويحكم! يا مسلمون! تنسون أن الضعف في وجه العدو مذلة وصغار هذي هي القدس يحرق ثوبها عمداً ويهتك عرضها الأشرار تبكي وأنتم تشربون دموعها وعن الحقائق زاغت الأبصار وهذا هو الأقصى يُهوَّد جهرة وبجرحه تتحدث الأخبار هذا هو الأقصى يطحنه الأسى وجموعكم يا مسلمون عار ملياركم لا خير فيه كأنما كتبت وراء الواحد الأصفار ما جرأ اليهود إلا صمتكم ولكم يذل بصمته المغوار خابت سياسة أمة غاياتها تحقيق ما يرضى به الكفار يا قدس! أرسل دمع العين مدراراً عميق الحزن وصب من النزف أنهار يا قدس! تاه الأهل والأحباب وعدت بأرض الأنبياء كلاب قدساه! أرض النور دنسها الدجى والحق ضاع وتاهت الأنساب قادت قرود الإفك قافلة الهدى وسجى بوجه النائمين ذباب ليكود قاد عصابة يعلو بها بالقدس مكر محدق وحراب طعنوا بها الشرفاء طعن مذلة فثوى بقدس المعجزات خراب والقبة العظمى تسيل دماؤها والقدس يبكي واشتكى المحراب وبدا اليهود بأرضنا وكأنهم أصحاب أرض ما لها أصحاب ضاعت فلسطين الجريحة واعتلى أقصى المساجد بالسواد ثياب قدساه! أين الفاتحون؟ أين عمر بن الخطاب؟ أين أبو عبيدة بن الجراح؟ أين صلاح الدين؟ أين محمود نور الدين؟ أين قطز؟ قدساه! أين الفاتحون وعزهم أين الجهاد الحق والألباب ماذا أصاب المسلمين فهل ترى يجدي لديهم بالخطوب عتاب اليهود هم اليهود، وقد كررنا ذلك حتى بحت الأصوات، لكن الأمة لا تريد أبداً أن تصدق رب الأرض والسماوات، فمتى وفى اليهود بعهد على طول التاريخ؟! لقد نقض اليهود العهود مع الأنبياء ومع رب الأرض والسماء، وأسأل بمرارة هل ينقض اليهود العهود مع الأنبياء ورب الأرض والسماء ثم يوفي اليهود اليوم بالعهود للحكام والزعماء؟! ها هو رابين قد أعلنها صريحة مدوية: لقد ماتت عملية السلام! وقد قلنا ذلك مراراً قبل ذلك فلم يصدقنا أحد.

فحال أمتنا حال عجيبة، وهي لعمر الله بائسة كئيبة يجتاحها الطوفان طوفان المؤامرة الرهيبة ويخطط المتآمرون كي يغرقوها في المصيبة وسيحفرون لها قبوراً ضمن خطبتهم رهيبة قالوا: السلام، قلت: يعود الأهل للأرض السليبة وسيلبس الأقصى غداً أثواباً قشيبة فإذا سلامهم هو التنازل عن القدس الحبيبة فبئس سلامهم إذاً، وبئست هذه الخطط المريبة فالمسجد الأقصى بالدماء له ضريبة قال ربنا الذي خلق اليهود وهو وحده الذي يعلم من خلق: {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك:١٤]، وقال جل وعلا: {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ} [البقرة:١٠٠]، وقال جل وعلا: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ} [المائدة:١٣] أي: على خيانة بعد خيانة، هذا كلام ربنا جل وعلا، ولا أريد أن أقف مع آيات القرآن؛ فالآيات كثيرة.

قال جل جلاله: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ} [المائدة:٦٠]، وقال جل وعلا: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المائدة:٧٨ - ٧٩].

فها هو القرآن يُقرأ ويُتلى في الليل والنهار، ولكن من يطبق كلام العزيز الغفار؟! ومن يطبق كلام النبي المختار صلى الله عليه وسلم؟! اليهود قوم بهت، وقوم خيانة، وهم متخصصون يا مسلمون! في نقض العهود، والله! الذي لا إله غيره لن تجد في إسرائيل وزارة أبرمت عهوداً ووفت بها في تل أبيب أو في غيرها، ولن تجد وزارة أو حزب عمل أو حزب ليكود يحترم عهداً أو ميثاقاً، فهذه جبلة وطبيعة اليهود منذ أول لحظة هاجر فيها المصطفى إلى المدينة، وقام عبد الله بن سلام حبر اليهود الكبير فنظر إلى وجه النبي صلى الله عليه وسلم، فعرف أنه ليس بوجه كذاب، فشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وقال للمصطفى: (يا رسول الله! اليهود قوم بهت، وأهل ظلم ينكرون الحقائق، فاكتم عنهم خبر إسلامي وسلهم عني، فجمع النبي صلى الله عليه وسلم بطون اليهود وقال لهم: ما تقولون في عبد الله بن سلام؟ قالوا: سيدنا وابن سيدنا، وحبرنا وابن حبرنا، فقام عبد الله بن سلام إلى جوار رسول السلام صلى الله عليه وسلم، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، فرد اليهود الكلاب المجرمون على لسان وقلب رجل واحد في حق عبد الله بن سلام، وقالوا: هو سفيهنا وابن سفيهنا، وجاهلنا وابن جاهلنا).