مما مضى من الأحاديث -أيها الإخوة- يتبين لنا أن الأحاديث الثابتة في شأن المهدي قد تواترت تواتراً معنوياً كما ذكرتُ، والسؤال المهم: كيف نعلم ظهور المهدي؟ فإنه قد خرج أناس كثيرون يدعي كل واحد منهم أنه المهدي، فكيف نعلم أن هذا الرجل الذي ادعى لنفسه المهدية، أنه هو المهدي الذي أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم؟
و
الجواب
أن هذا السؤال مهم جداً، والنبي صلى الله عليه وسلم قد ذكر لنا علامة أكيدة مميزة للمهدي عليه السلام دون غيره من الأدعياء الكذابين، فتدبر كلام الصادق الأمين! ففي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم عبث في منامه، أي: تحرك جسمه الشريف وتحركت أطرافه، وفعل شيئاً لم يكن يفعله في نومه، فقلنا: يا رسول الله! صنعت شيئاً في منامك لم تكن تفعله؟ فقال عليه الصلاة والسلام:(العجب أن ناساً من أمتي يؤمون البيت -أي: البيت الحرام- لرجل من قريش قد لجأ في البيت، حتى إذا كانوا في البيداء -أي: في الصحراء- خسف بهم، فقلنا: يا رسول الله! إن الطريق قد يجمع الناس، قال: نعم، فيهم المستبصر والمجئور -ابن السبيل- يهلكون مهلكاً واحداً، ويصدرون مصادر شتى، يبعثهم الله على نيتهم) ومن العلماء المعاصرين من قارن وصف السفياني في أحاديث كتاب (الفتن) لـ نعيم بن حماد وطابقها على صدام حسين، وليس لدينا دليل على ذلك، إنما هو ضرب من المجازفة، وهذا مذكور في كثير من الكتب التي وقفت عليها، ويبدوا أن هذا السفياني شر في حياته وفي آخر حياته، وهو الذي سيخرج بجيشه لقتال المهدي.
يقول النبي عليه الصلاة والسلام:(يخرج رجل يقال له: السفياني في عمق دمشق، وعامة من يتبعه من كلب -قبيلة معروف تسمى قبيلة كلب- ويخرج رجل من أهل بيتي في الحرم -الذي هو المهدي عليه السلام- فيسير إليه السفياني بمن معه، حتى إذا صار ببيداء من الأرض خسف بهم، فلا ينجو منهم إلا المخبر عنهم)، وفي رواية:(إلا الشريد) يبقي الله عز وجل رجلاً ليخبر عن خسف الله عز وجل للجيش؛ ليشتهر وينتشر خبره وأمره، ولاحظ أن هذه هي العلامة الأكيدة المميزة للمهدي عليه السلام، فإذا ظهر رجل هنالك في مكة، وأعلن عنه أنه المهدي، وخرج جيش لقتاله، فخسف الله بهذا الجيش الأرض علمنا أن ذلك الرجل هو المهدي.
فإذا خسف الله عز وجل بالجيش الذي سيخرج لقتال المهدي الأرض، فمعنى ذلك: أن كل المسلمين على وجه الأرض في هذه اللحظة سيعلمون أن الرجل الذي ظهر بمكة هو المهدي، وحينئذ يرحل إلى المهدي -إلى مكة- كل مسلم على وجه الأرض ليبايعه، ثم يتقدم المهدي هذه الجحافل المؤمنة الطائعة، ليقود بهم الملاحم الأخيرة.