للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أولاً: من هو اليتيم؟

نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.

أما بعد: فحيا الله هذه الوجوه الطيبة المشرقة، وزكى الله هذه الأنفس، وشرح الله هذه الصدور، وأسأل الله جل وعلا أن يتقبل مني وإياكم صالح الأعمال، وأن يجمعني وإياكم في الدنيا دائماً وأبداً على طاعته، وفي الآخرة مع سيد الدعاة وإمام النبيين في جنته ومستقر رحمته، إنه ولي ذلك ومولاه وهو على كل شيء قدير.

أحبتي في الله! هذا هو لقاؤنا السادس مع السبع الموبقات التي حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه الذي رواه البخاري ومسلم وغيرهما من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: (اجتنبوا السبع الموبقات.

قالوا: يا رسول الله! وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات).

ونحن اليوم على موعدٍ مع الكبيرة الخامسة في هذا الحديث، ألا وهي قوله صلى الله عليه وسلم: (وأكل مال اليتيم) ويا لها والله من كبيرة! قد وقع فيها معظم أولياء اليتامى نسأل الله السلامة والعافية.

ونظراًَ لخطورة هذا الموضوع وطوله أيها الخيار الكرام، فسوف ينتظم حديثي معكم في العناصر التالية: أولاً: من هو اليتيم؟ ثانياً: مكانة اليتيم في القرآن والسنة.

ثالثاً: عاقبة آكل مال اليتيم.

رابعاً: يتم رغم وجود الوالدين! وأخيراً: كيف تؤمِّن مستقبل ولدك بعد موتك؟ فأعيروني القلوب والأسماع -أيها الأحبة الكرام- فإن هذا الموضوع من الأهمية والخطورة بمكان.

أولاً: من هو اليتيم؟ قال ابن منظور في لسان العرب: اليتيم في الناس من فقد أباه، واليتيم في الحيوانات والطيور من فقد أمه، قلت: وهذه لطيفة لغوية دقيقة لها مغزى قل من ينتبه إليها، قال ابن منظور: وأصل اليتم في اللغة هو الغفلة، وبه سمي اليتيم يتيماً، أي: لأنه يتغافل عن بره بعد موت أبيه، وقال: وأصل اليتم في اللغة أيضاً هو: الانفراد، يقال: درة يتيمة، أي فريدة، ويقال: بيت يتيم، أي: بيت منفرد أو وحيد.