[واجب المسلم في نشر دين الإسلام]
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أما بعد: أيها الأحبة! يزيد هذا الأمل ويضاعف هذه البشريات ما نراه من صحوة إسلامية عالمية مباركة، يحلو لي أن أكررها وأن أذكر بها في كل لقاء؛ فإنها أكبر حدث إنساني في النصف الثاني من هذا القرن، هذه الصحوة التي يغذيها كل يوم شباب في ريعان الصبا، وفتيات في عمر الورود، تأتي هذه الكوكبة المباركة والثلة العظيمة الأبية، تأتي بعد بدر والقادسية واليرموك وحطين، تأتي في كهولة من الزمن؛ لتمضي على طريق الدعوة الطويل الضارب في شعاب الزمان من لدن نوح على نبينا وعليه الصلاة والسلام، تأتي هذه الكوكبة لتمضي على نفس الطريق مستقيمة الخطى، ثابتة الأقدام، تجتاز الصخور والأشواك والحجارة، فتسيل دماء، وتتمزق هنا وهناك أشلاء، ولكن الركب الكريم في طريقه لا ينحني ولا ينثني ولا يحيد؛ لأنه على ثقة مطلقة بانتصار الحق ومحق الباطل حتى وإن طال الطريق، إنه صبح كريم مبارك: صبح تنفس بالضياء وأشرقا والصحوة الكبرى تهز البيرقا وشبيبة الإسلام هذا فيلق في ساحة الأمجاد يتبع فيلقا وقوافل الإيمان تتخذ المدى دربا وتصنع للمحيط الزورقا ما أمر هذي الصحوة الكبرى سوى وعد من الله الجليل تحققا ولكن أيها الأحبة! ما هو دورنا نحن؟ وما هو واجبنا؟ إنني أخاطبك أيها المسلم! وأخاطبك أيتها المسلمة! في كل مكان من أرض الله يسمع هذا الكلام، أخاطبك وأخاطبك كي نتحرك جميعاً لدين الله، وأن نكون إيجابيين، دعونا من الكسل، ودعونا من الكلام المثبط للهمم، كقول: ماذا أصنع؟! وماذا أفعل؟! وما هو دوري؟! أنت أدرى بدورك، وأنت أعلم بوظيفتك، أنت تستطيع أن تبدع في مجالك لدين الله بدلاً من أن يملي عليك غيرك.
فهيا تحرك يا أخي! تحرك أيها الحبيب! لدين الله جل وعلا بكل ما تملك، كفانا كلاماً، نريد أن نحول بعض هذه الكلمات إلى واقع وعمل، تحرك لدين الله على قدر استطاعتك وبكل ما تملك، لقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم -كما في الحديث الذي رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد وهو حديث صحيح- أنه قال: (إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فاستطاع أن يغرسها، فليغرسها؛ فإن له بذلك أجراً) لا تقل: متى أغرس؟! ومتى تثمر؟! ومن يأكل؟! إن القيامة ستقوم.
لا يا أخي! اغرس ولا تهتم بالثمرة، ولا تحرص على أن تكون أنت آكل الثمار، اغرس وليأكل ولدك، وليأكل حفيدك، فهيا اغرس لدين الله جل وعلا وتحرك من الآن لدين الله جل وعلا، وتحركي يا أختاه! من الآن لدين الله جل وعلا.
بماذا؟ بالدعوة إلى الله سبحانه وتعالى! بالتربية تربية صحيحة على كتاب الله وعلى سنة رسول الله بفهم سلف الأمة الصالح، حتى ولو تأخرت نتيجة التربية فإن الله جل وعلا لن يسألنا: لماذا لم تنتصروا؟ ولكنه سيسألنا: لماذا لم تعملوا؟ {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [التوبة:١٠٥].
فهيا نتحرك بالدعوة إلى الله جل وعلا، وأقول هنا: حتى لو كانت الدعوة المتخصصة لا يقوم بها إلا أهلها، إلا أنني على يقين جازم بأن كل مسلم ومسلمة بإمكانه الدعوة إلى الله جل وعلا، ونحن لا نريد أن يتحول الناس جميعاً إلى خطباء وإلى محاضرين على المنابر، ويتركوا مجالات الأعمال وحقول الإنتاج كلا، بل إننا نريد من كل مسلم ومسلمة أن يتحول إلى داعية عظيم لدين الله في موطن إنتاجه وموقع عطائه، وإن أعظم خدمة نقدمها اليوم للإسلام أن نشهد للإسلام شهادة عملية واقعية سلوكية؛ لأنه أصبح يحكم على إسلامنا من خلال واقعنا المر الأليم.
وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: (بلغوا عني ولو آية) حديث صحيح رواه البخاري من حديث عبد الله بن عمرو، فكم تحفظ من الآيات؟! وكم تحفظ من الأحاديث؟! هيا تحرك بما عندك لدين الله جل وعلا.
وأقول مكرراً: حتى وإن كانت الدعوة المتخصصة لها رجالها، ولها الدعاة، ولها العلماء، إلا أن الدعوة العامة واجبة عليك أيها المسلم! فيجب عليك أن تدعو إلى الله جل وعلا، إن لم يكن بلسانك العذب الرقيق فبسلوكك بأخلاقك بمالك بشريط بكتاب بهدية بدورة بنشرة براتب تخصصه لدين الله في هذه البيئات وفي هذه البقاع وفي هذه البلاد، فإن المنصرين يغدقون الأموال والعطاءات على هؤلاء الشباب؛ ليحركوهم لباطلهم في كل بقاع الدنيا، ونحن أهل الحق لا نتحرك للحق الذي من الله جل وعلا به علينا! فهيا أيها الحبيب! لنتحرك جميعاً، ولنتشرف بأن نكون من حواريي رسول الله وأصحابه وأنصاره كما في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن مسعود أنه صلى الله عليه وسلم قال: (ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا وكان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنه تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل).
أيها الأحبة الكرام! أسأل الله جل وعلا أن يُقر أعيننا وإياكم جميعاً بنصرة الإسلام وعز المسلمين.
اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين، اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين، وأعل بفضلك كلمة الحق والدين، اللهم احمل المسلمين الحفاة، اللهم اكس المسلمين العراة، اللهم أطعم المسلمين الجياع، اللهم اقبلنا وتقبل منا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، اللهم من أرادنا والإسلام والمسلمين بخير فوفقه لكل خير، ومن أرادنا والإسلام والمسلمين بسوء فأشغله بنفسه، واجعل تدميره في تدبيره إنك ولي ذلك والقادر عليه يا أرحم الراحمين! اللهم اقبلنا وتقبل منا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، اللهم صل وسلم وزد وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
أحبتي في الله! هذا وما كان من توفيق فمن الله، وما كان من خطأ أو سهو أو زلل أو نسيان فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء، وأعوذ بالله أن أذكركم به وأنساه.
والحمد لله رب العالمين.